قبل أن نبدأ بمعرفة تكنولوجيا التواصل والتلفونات الذكية وما دار بفلكها من أجهزة أخرى، كان طمامنا مدفونا وخبلنا الله ساتر عليه ما يعرفه إلا أهله وفريجهم وإن كان خبلنا نشيطا يمكن توصل شهرته القطعة المجاورة، لكن وبعد ما طاحت التلفونات الذكية في أيادي خبلنا صار خباله وجنونه وغثاه معروفا للقاصي والداني وتعدت شهرته البيت والفريج والقطعة والمنطقة ووصلت الى الدول المجاورة، ونفس الأمر صحيح بخبول الدول اللي حوالينا اللي وصلتنا علومهم، يعني بالدول اللي تفهم وتقدر التكنولوجيا يتم فيها نقل وتبادل الخبرات والمهارات لكن احنا نتبادل علوم الخبول ما بيناتنا.
ترا ما أعتقد في واحد يقص الحق من نفسه يقول إن الخطأ خطأهم بروحهم لأننا كلنا شاركنا بها المهازل اللي نشوفها بوسائل التواصل الاجتماعية، والطريقة سهلة كالآتي خبل أو تافه أو سفيه من الجنسين يقوم بنشر تصرفات غبية أو لا أخلاقية لمجرد الشهرة واستدرار الضحك وبعدها تنهال الإعجابات والتعليقات وإعادة نشر المقاطع أو الريتويتات من أشخاص كان من المفروض ان يكونوا عقلاء، إلا أن الواقع أثبت عكس ذلك فمن ساعد على تماديهم ونشر غبائهم هو بمنزلتهم العقلية أو أقل مستوى لأن من ينشر التفاهة والانحلال والحماقة هو بنفس مرتبة التافه والمنحل والأحمق.
ولعل القصة التالية تبين الفرق بين من ساعد على نشر ثقافة الغباء والانحلال ومن يعمل على طمس الغباء وعدم انتشاره، وهي قصة شخص معتوه أو (عليه من الله ظلال) قرر مفارقة قبيلته والرحيل عنهم إلى قبيلة أخرى، وحال سماع الشيخ بذلك دعا المعتوه وأكرمه وطلب منه عدم الذهاب مقابل أن يجزل عليه من العطايا، وهو الأمر الذي جعله يعدل عن فكرته ويقرر البقاء بقبيلته، وبعد فترة قرر شخص آخر من نفس القبيلة عرف عنه الأخلاق الدمثة ورجاحة العقل ان ينتقل، فلم يعارض شيخ القبيلة عند سماع ذلك فتعجب الناس من لامبالاة الشيخ، فقالوا من هم بمجلسه: لماذا تسمح له بالرحيل ولم تسمح للمعتوه عندما فكر بالذهاب؟ فقال لهم: إن الرجل الحكيم يسترنا عند (الأجناب) ولن يأتي بسوء لا على نفسه أو على قبيلته، ولكن بقاء المعتوه تحت أعيننا استر لنا، وذهابه يفضحنا عند الناس ويفضح نفسه.
يا سادتي، نحن من صنعناهم إن كنا ننشر ما يقومون به، ونحن من ساعد على استمرارهم إن كنا نستمر بالتصفيق لهم.
يا سادتي، نحن من صنعنا السيئات من الفاشنيستات والمعاتيه من أشباه الرجال، نحن من صنعنا من يعتقد أن تعليقاته مهمة ودمه خفيف، ونحن من صنعنا من بات يسخر من أحد أرحامه ليضحكنا، ونحن من صنع (شارلي) ومن هم على شاكلته من أدعياء الشعر (اللي بالين الشعر بلوه)، نحن يا سادة من صنعهم وجعل لهم قيمة مجتمعية من حيث نشعر أو لا نشعر، وساهمنا بهدم قيم المجتمع والسعي لانحلاله، وأعتقد أننا أمام خيارين لا ثالث لهما، إما أن نقطع النت عنهم، أو نقطعهم من النت.
أدام الله من حشم نفسه وأهله وديرته، ولا أدام من مصخر نفسه عشان يشتهر.