فكرة تحرير المرأة من جلباب الحياء والعفة وتخليها عن حشمتها وسترها فكرة ظهرت وسرعان ما ماتت واندثرت، لكن أربابها لم ييئسوا وأدركوا أن ما لا يدرك كله لا يترك جله، وأن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة، وأن مشروع تغريب المرأة يحتاج إلى وقت وجهد وخطوات عديدة تأتي متدرجة.
فبدأوا يضفون على مراحل مخططاتهم مسميات مبهمة عائمة تحمل معنى جميلا وحسنا وتتضمن حقائق قبيحة وسيئة، فرفعوا في البداية راية تعليم المرأة، والإسلام حتما لا يعارض ذلك، لكنهم أرادوا بذلك تحقيق خطوة أولى وهي استمراء المرأة للخروج من البيت، ليكون بعد ذلك الاختلاط المحرم، ثم السفور وتبرج الجاهلية الأولى، بل أوهموا المرأة بأن النجاح الحقيقي هو بحصولها على الشهادة الجامعية والوظيفة المرموقة، وبذلك ضاع البيت الزوجي وضاعت الأسرة بين التعليم والعمل، وليته كان تعليما وعملا يلائم المرأة المسلمة ويخدمها ومن حولها من أسرتها.
والآن على نفس مخطط تعليم المرأة بدأ مشروع جديد بقوة، وهو مشروع ما يسمى برياضة المرأة ومشاركتها في المحافل العالمية، لكن ما هي ماهية هذه الرياضة؟ وما أهدافها؟ رياضة سلايتات ومناطح واعتراض بالأكتاف وقفز وشقلبة ولباس عار ونقل فضائي للفضائحيات وانتكاسة فطرة، والنهاية القضاء على الأنوثة الطبيعية وإخراج جيل البويات الخشن.
المرأة عندنا حصلت على الشهادة الدراسية وأخذت رخصة القيادة وتوظفت والتحقت بالعسكرية وفعلت الهوايل حتى دخلت المجلس والحكومة، ويراد لها مؤخرا أن تدخل مجال القضاء، فما الذي تغير فينا، مازلنا مكانك راوح، لم يتغير فينا شيء حقيقي، إنما هو مجرد تقليد غربي بحت نتيجة ضعف الهوية الإسلامية والعربية لدى فئة منا، والمخطط المرسوم من أعداء المرأة الحقيقيين مازال طويلا ولن ينتهي حتى تحول إلى سلعة رخيصة في أيدي الذئاب البشرية.
أخيرا: دار بيني وبين ابنتي عائشة أو «عيوش» ذات السنة والثلاثة أشهر حديث حول مستقبلها الدراسي والوظيفي، وأبدت لي قلقها من صعوبة الحياة الحديثة وزيادة تعقديها، فخففت من روعها وأفهمتها أنني سأكون أبا حضاريا فلا داعي للقلق، سأمنحها خبرتي في الحياة، وسأختار لها تخصصا نادرا أسوة بتخصص أبيها، فالحمد لله أن أقرت كلية الهندسة والبترول في جامعة الكويت قبيل تخرجي بسنوات قليلة قانونا يجعل من قسم الهندسة الميكانيكية تخصصا نادرا تصرف بموجبه مكافأة مغرية وذلك لصعوبته ولحاجة قطاع العمل الماسة له، لذا سأحرص جاهدا أن يكون تخصص عواشة أو عائش تخصصا نادرا فريدا، فإما أن تكون طبيبة لتسد النقص في الطاقم الطبي النسائي وتكون صاحبة رسالة هادفة في حياتها، أو تتخصص بالتدبير المنزلي الذي صار لا يحسنه من بنات هذه الأيام إلا القليل، فبالكاد تجد امرأة راعية بيت تحسن الطبخ وترتيب المنزل ورعاية الزوج، وبهذا التخصص النادر سأضمن لها بإذن الله حياة سعيدة بلا عناء دراسة ولا هم امتحانات ولا قلق بحث عن وظيفة.
[email protected]