تيموثي جاورد عالم الرياضيات وأستاذ جامعة كامبريدج، استخدم التعليم المفتوح لحل أكثر المسائل الرياضية تعقيدا في العصر الحديث ليشاركه في حلها أكثر من 37 عالم ومعلم رياضيات بأكثر من 800 تعليق في مدونته الافتراضية، خرج معهم عن المألوف وقادهم في شراكة مثمرة في العلم المفتوح، ليحصل بذلك على جائزة Fields Medal، والتي غالبا ما يطلق عليها جائزة نوبل للرياضيات، وأسس مشروع «بولي ماث» لحل مشاكل الرياضيات المعقدة بشكل تعاوني افتراضي مفتوح.
في عام 1997، أثناء دراستي في برنامج الدكتوراه تعرضت University of Virginia للنقد الشديد بسبب الإخفاق في برامج خدمة المجتمع، واجتمعت على أثر ذلك كل كلية مع أقسامها العلمية لإيجاد حلول تمكنهم من خدمة مجتمعهم، وعليه صممت صفحة إلكترونية تفاعلية يتم فيها تبادل المعارف ومناقشة وحل المشكلات من خلال التواصل المباشر بين كل معلمي العالم وأعضاء هيئة التدريس في كلية التربية Curry School of Education وبشكل يومي.. ومع تزايد التفاعل أشركت باقي الكليات في الجامعة لتقديم خدمات البحث العلمي لطلبة الدراسات العليا في العالم، وحصلت بذلك على جائزة التميز. هذه قصص نجاح لمبادرات فردية واجتهادات تخدم مكانا أو تخصصا معينا.
وفي طني الكويت مقر لجامعة تعد نبراسا للعلم في الوطن العربي، صرح أكاديمي غير تقليدي غير ربحي مرن للعلم المفتوح، ليست له حدود جغرافية أو حواجز تقلص من دوره العلمي والاجتماعي والثقافي، ليس له عمر زمني يمنع بسببه الفرد من التعلم، ولا التزام بعمل يحول دون التزود بالمعرفة الحديثة والارتقاء بالدرجة العلمية ليوفر لنفسه حياة أفضل وعمل أكثر كفاءة، صرح أكاديمي يعتبره أغلب منتسبيه فرصة ثانية لحياة أفضل: لإنسان يحتاج لمحو أميته التكنولوجية لمسايرة التطور في الذات والحياة، أو لطالب العلم من محدودي الدخل، أو لمن لم تمكنهم ظروفهم الأسرية، أو لوالدين فضلوا تربية جيل صالح على اللحاق بالجامعات في شبابهم.. صرح جامعي استطاع أن يحل معضلة التعليم التقليدي الجامعي منذ عقود وهي الطاقة الاستيعابية.
إنها الجامعة العربية المفتوحة التي واكب تأسيسها التطور وساير التغيير، رفضت الجمود في العلم لتصنع جامعة ببرامج أكاديمية معتمدة من الجامعة المفتوحة البريطانية لجيل حديث لا يمكن تعليمه بنفس الطريقة التي تعلم بها والداه، فعلي بن أبي طالب ـ كرم الله وجهه ـ قال «علموا أبناءكم لزمان غير زمانكم».
جيل الاتمتة GenZ وجيل الألفا، جيل التحول الرقمي الحالي والمستقبل القريب، يتمتع بالمرونة، فالتعلم في قناعاتهم لا يقتصر على وجودهم في الفصول الدراسية، بل يحدث في هواتفهم وأجهزتهم النقالة في أي وقت وفي أي مكان. ومن أهم خصائصهم:
1 ـ رواد أعمال بالفطرة.
2 ـ منفتحون على مختلف الثقافات وأنماط الحياة.
3 ـ يعتمدون على التكنولوجيا في إدارة حياتهم ومالهم وتعلمهم وعملهم،
4 ـ يرفضون أسلوب التعلم السلبي (التلقين).
5 ـ يتعلمون بالتفاعل والتجارب والمناقشات الجماعية الرقمية.
6 ـ يعشقون التعلم الذاتي لثقتهم وقدرتهم على الوصول إلى كم هائل من المعلومات والعلم الحديث بسرعة فائقة.
حولت الجامعة العربية المفتوحة فشل الآخرين إلى نجاح يحسب لها، وهنا أستذكر معكم ما حدث أثناء جائحة كورونا ـ عافاكم الله وايانا ـ حين توقف التعليم العام والعالي وسكرت المدارس والجامعات أبوابها.. وشعرنا بإحباط شديد. لكن الجامعة العربية المفتوحة استمرت في تقديم العلم بمنصات رقمية، ومع تسارع تدفق العلم والمعرفة وتضخمها.. أرى أن التحدي هو إما أن نعمل جاهدين لنغير فكرنا التقليدي الجامد.. لنقفز نحو التميز المعرفي المفتوح على العلم الحديث.. أو نقاوم التغيير فيتدهور عندنا التعليم. وكما ذكر ابن القيم «من لم تكن له بداية محرقة فلن تكون له نهاية مشرقة»، فنسبة نجاح التغيير في التعليم العالي تعتمد على مدى وضوح الرؤية وكفاءة قائد التغيير ودرجة الجهود المبذولة.