بداية نبارك لرئيس الوزراء سمو الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح تجديد ثقة قيادتنا السامية بسموه وإعادة تكليفه رئيسا للوزراء، ونحن متفائلون بالمستقبل الذي ننشده جميعا لكويتنا الغالية.
ولكن مستقبل الكويت مقرون بمستوى مخرجات تعليمنا باعتبارهم المحرك الرئيسي للتنمية المستدامة ومع الأسف الشديد نحن في الكويت من يحتاج الى الإغاثة، فعدونا هو الجهل المقيت الذي ينخر في عقول أبنائنا، فالكويت خامس أغنى دولة في العالم وآخر دولة في جودة التعليم!
ولأن مسيرة التعليم تتطلب تضافر الجهود الدولة والمجتمع وتتطلب قرارا سياديا حاسما وحازما بسبب تراخي دور وزارة التربية خلال العقود الماضية وزادت سوءا في السنوات الأخيرة وما شهده التعليم من انحدار متسارع في جميع المراحل الدراسية، والكل صار شاهدا على ما آلت إليه الأمور التعليمية من سوء، بدءا من رياض الأطفال مرورا بالابتدائية والمتوسطة فالثانوية وصولا الى المرحلة الجامعية، فساد ونتائج مخيبة من بداية المسيرة التعليمية للطفل حتى تخرجه في الجامعة.
ان مستوى التعليم في وطني الحبيب الكويت لا يستدعي منا الاستعانة بخبراء دوليين ليقولوا لنا ان تعليمنا يحتضر من الروضة الى الجامعة وما بينهما، لا يستدعي منا الاستعانة بالمؤسسات الدولية ودفع الملايين لها لينتهي تقريرها الى «أنتم في خطر الجهل وفقر التعلم».
كل بيت كويتي عانى ومازال يعاني من تدني مستوى التعليم بسبب ما آل إليه أبناؤهم من قلة المعرفة وضعف المهارة، إضافة إلى اختلال منظومة القيم الأخلاقية وما نتج عنها من انتشار الغش حتى أصبح ظاهرة مرعبة، كذلك الرسوب والتسرب، وضعف قدرة المعلم وما نتج عنه من تضخم في الدرجات وانتشار الدروس الخصوصية التي أصبحت من ضرورات النجاح ومتطلباته علنا وأمام مرأى الجميع، فلا رادع ولا مانع لها.
كله بسبب ما تعانيه المنظومة التعليمية من تخبط إداري وفساد مالي لا بد من علاجه بشكل سليم ومنطقي، وكلنا على يقين أن التعليم هو القلب النابض لمجتمعنا، فإذا صلح صلح معه المجتمع واذا فسد فسد معه الإنسان والمجتمع.
وحقيقة يا سمو الرئيس انني ضمن نخبة من التربويين الذين تبنوا ملف إصلاح التعليم منذ عام 2007، وكنا نعمل لتحقيق تعليم جيد تساهم مخرجاته في بناء مجتمعنا، وتحقيق نهضة بلدنا والتنمية في جميع المجالات، وبما يعطي نتائج حقيقية لتكون لدينا كفاءات ذات قدرة على العطاء والإنجاز في جميع التخصصات العلمية والمهنية، مع تأكيد احترام القوانين والعمل على تأصيل القيم الأخلاقية المجتمعية.
كما أن هناك أرقاما وإحصاءات تدق ناقوس الخطر، خصوصا تلك المتعلقة بحالات الشغب والحوادث التي تجاوزت 22 ألف حالة في جميع المراحل الدراسية، ونحو 1400 حالة تدخين بعضها في المرحلة الابتدائية، وهل يعقل أن تكون الكويت خارج التصنيف بمؤشر جودة التعليم في الدول العربية؟!.
نعم نريد مخرجات قادرة على الانتاج وتطوير سبل الحياة المستدامة، وقد سعينا وما زلنا نسعى الى تحقيق مخرجات مبدعة، مبتكرة، تتنافس وتنافس لترفع علم وطننا في المحافل الدولية خصوصا أن لدينا العديد من النماذج المشرفة التي توافرت لها فرص النجاح واجتهدت فأبدعت وتميزت محليا وخليجيا ودوليا.
وكم تمنينا ونتمنى أن تكون لدينا رؤية تربوية وطنية وتعليما يساعد في صنع إنسان يمتلك المعرفة والمهارة لا إنسان همه السعي ليزور ويشتري الشهادة ليكسب من ورائها المال والوجاهة.
سيدي الرئيس، أملنا كبير بكم، وكل ما نحتاج إليه ونتمناه هو تضافر الجهود لإنقاذ التعليم، لإنقاذ أبنائنا من الجهل، إننا بحاجة الى قرار سياسي تربوي جريء يحدث تغييرا إيجابيا في بنية النظام التعليمي الكويتي لنصنع متعلما متسلحا بفكر منطقي أخلاقي مبدع، فالإنسان هو جوهر وأساس بناء أي مجتمع، وبناؤه تعليميا وتربويا وأخلاقيا ينتج مجتمعا معطاء ويحقق تنمية مستدامة ونهضة شاملة، ولنا في العديد من الدول أمثلة وشواهد على أن التعليم هو الأساس وللنهوض به لا بد من الاهتمام بأطراف العملية التعليمية من متعلمين ومعلمين وقائمين على التعليم.
وأبناء الكويت كانوا ومازالوا قادرين على إثبات قدراتهم وكفاءتهم، وسينجحون في مواجهة التحديات مع وجود إرادة التغيير وحرص المخلصين على العطاء والبذل لوطننا الغالي الكويت