لكل منا ما يميزه، نمتلك كنوزنا التي ترسم مساراتنا في الحياة، توجه طريقنا، وتزكي اختياراتنا، إنها النور الذي يضيء دروبنا الظلماء، والأمل الذي يدفعنا للمضي قدما بقوة خفية لا يعرفها غيرنا، أحيانا ندركها أو نشعر بها وننبهر عند اكتشافها ومعرفتها، فنضعها نصب أعيننا وتكون النور الذي يصل بنا إلى بر الأمان.
وبعض الأحيان لا نكتشفها ولا نعلم أن لنا أسرارا تتوطن في دواخلنا.
ومنا من يحس سره ويراه أو موهبة يتمتع بها لكن يجهل كيفية إخراجها من أعماقه وينتهي مشوار حياته دون أن يخرجها إلى النور.
ومنا من يرى سره غيره دون أن يشعر هو به..!!
أليس حري بنا أن نعرف كنوزنا الدفينة ونبحث عنها في أعماقنا؟!
قلب طيب واسع، أخلاق نادرة، إرادة قوية، وإيمان لا حدود له، ذكاء واتقاد، هدف رفيع، طاقة قوية للعمل والحب والاختراع والاحتواء، فن أو علم، أدب أو فكر، وفاء وإخلاص، مبدأ وحب أو غاية سامية..!
أليست هذه كنوزا تستحق إعلانها والاحتفاء بها؟!
أليست هذه الجواهر مكانها النور والتحلي بها لا تركها ملقاة في ظلمات أعماقنا؟!
أليست لآلئ وألماسات تزين تلك الذات الإنسانية، ألا نتعرفها، ألم يصلنا من عبقها، أو لم نتنشق عبيرها مع أنفاسنا..؟!
كل هذه الجواهر تنبع من منبع واحد هو الحب والحب: أن يرضى عليك الخالق وترضى عنك المخلوقات، وتألفك القلوب، وتتبعك الأرواح وترتاح في حضرتك، فذلك لب الحب ومعناه، إنه الجمال المتجسد والروح الطيبة المحبة، وقلب جميل تحلى بالجمال، وارتوى من معين طيب شريف، كل من طغت أسراره الداخلية الطيبة على صفاته الخارجية كان جمالا يسري على الأرض، وقلبا يتلألأ نورا ويسطع جمالا بهيجا مثل الأنبياء الذين اصطفاهم الله لنقاء وجمال جوهرهم وطهارة دواخلهم.
وحينما خرجت الأسرار للنور أثمرت: العلماء والمخترعين والفنانين والأدباء و«الصالحين» الذين أطلقوا عليهم مسمى «أصحاب الكرامات»...!
هو ليس صاحب كرامة أو معجزة كما يظن البعض!
فقط اتبع نهج الحياة بالله وفي الله وإلى الله، إنسان قلبه طيب طاهر شفاف صادق في حبه لله والناس.
لو اتبعنا هذا المنهاج جميعا لاختلفت حياتنا «إلى الله وبالله وفي الله»، نحب في الله، ونعمل لله ونهاجر إلى الله، فهذا المبدأ هو الوسيلة والهدف والغاية في الوقت ذاته.
أن نطهر طوايا قلوبنا بالصدق، أن تمتلئ شغاف أفئدتنا بالحب، حينها نتعرف على سرنا العظيم، الذي به نعيش في هذا العالم الموار المتغير المتقلب الذي لا يؤمن بالجمال ويقتل الحب بالابتذال..!
حينها نكون صادقين، ونكون قد أدركنا مواطن الجمال والقوة فينا فلا تؤثر علينا متقلبات وفتن ومنحنيات الحياة القاسية..!
ابحثوا عن سركم في دواخلكم وتعهدوه بالحب، وألبسوه حلل الجمال، كي يسري في ذواتكم ويزين أرواحكم..!
اجعلوه لب أحلامكم، واصبروا عليها كي تتحقق لحظة بلحظة ونفسا بنفس وخطوة بخطوة.. تلك رحلة الأسرار الأثيرة الفاضلة التي تصل بنا إلى تحقيق غاياتنا في الحياة.
[email protected]