غالبا ما نرى الآخرين من الخارج فننبهر برقيهم في التعامل أو ثقافتهم المرموقة أو علمهم أو مظهرهم المتألق أو تدينهم المزيف الذي يتوجون به كلامهم وتصرفاتهم، لكن سرعان ما يسقط القناع عن الخبايا والوجه الآخر للذين يتعمدون حجبه عنا ويخفون ما يبطنون، لأنهم يعرفون لولا أنهم ارتدوا هذه الأقنعة ما كانت رأتهم أعيننا ولا سمعتهم أذننا أو حازوا احترامنا وتوقيرنا لهم.
فكون أننا خدعنا فهذا بالأمر الطبيعي لأن الإنسان بطبيعة الحال يرى ويقيم الظاهر، لأن الباطن لا يراه إلا خالق البشر، لكن هناك أناسا ممن اصطفاهم الله سرعان ما يلتقطون المنافق بفراسة نظرتهم الثاقبة التي أنعم الله بها عليهم واكتسبوها بفعل تمحيص الحياة وتمحيص تجاربها مع الوقت وفي مسيرهم في منحنيات الحياة المتقلبة التي تخرجوا من فصولها القاسية فتوجوا بتاج البصيرة الثاقبة والفراسة الملهمة.
وأعتقد أن ارتداء الأقنعة أصبح أمرا طبيعيا عند الناس والغريب أنهم واضحون وضوح الشمس ويراهم من حولهم على حقيقتهم التي لا تنفع معها أقنعة ولا تحايل ولا نفاق، وبعضهم يعلم ذلك...أن الناس تراهم على هيئتهم الحقيقية وبالرغم من ذلك تراهم منطلقين وسعداء بأنفسهم!
الذي يثير دهشتك أن هؤلاء من يأخذون ما يشتهون من الدنيا ويصلون إلى ما يريدون، حقا نحن نعيش عصر العجائب المستوردة من بلاد الغرائب!.
العجيب أنهم يسترسلون في الكذب ويدعون الصدق ويتمادون في النفاق وهو محفور فوق حروفهم التي ينطقون ومرسوم على وجوههم التي يوارون، فتصل لمرحلة أنك تضحك من داخلك وهم لا يشعرون وتحاول أن تقنع نفسك بأن هذا أمر..(طبيعي)!
وأمر آخر، أصدم وأحبط عندما أعلم عن شخص ما.. كان مرموقا ومقامه في نظري فوق السماء وأسمع عنه ما تشيب له الرؤوس وتخيب منه الظنون.
أحقا فلان يفعل كذا!؟ أمعقول هذا!؟
فأشعر أنني أرغب في فقدان النطق لأني لا أجد ما أقول!
ثم الوعي حتى أستفيق فأنسى صدمتي التي كادت أن تفتك بعقلي ووجداني، لكني على ثقة أن هؤلاء حتى وإن حازوا النصيب الأكبر من الدنيا وحققوا ما تمنوا منها فهم ليسوا سعداء أبدا لأنهم يتطلعون للمزيد دائما فلا تشبع أنفسهم مهما أخذت، ويلمسون عيبهم وإلا لما خبأوه وراء الأقنعة الخادعة بالبراءة والصدق، ثق أنك أسعد منهم لأنهم حرموا مما أنعم الله عليك به وهو الرضى وراحة البال.
[email protected]