حينما تكون وحدك، وتجتاز أشد محنك وصعابك، وأقوى ما مررت به من ظروف آلمت قلبك وشرخت حدود ذاتك، والتي بسببها قد اضطربت جميع أحاسيسك ومشاعرك.
فهنا فقط تيقن من أنك قد وصلت لبر أمانك، وأصبحت ومن تلقاء نفسك شخصا مختلفا جدا، شخصا قويا وصلبا، يصعب بسهوله كسره.
متهيئا لكل ما قد يحدث لك، وان كان ما يحدث لك لا يخلو من تلك الرياح العاتية، والتي قد تلويك أحيانا.
كما ستصبح متمكنا، ثابتا، يصعب على الغير مواجهتك، وبالأخص ان كنت على حق وهم وغيرك على باطل، كما ستكون في الوقت ذاته مرنا وانسيابيا، متشبثا بعزيمتك وإصرارك.
لأن بمرونتك تلك، ستتخلص من تفاهات الدنيا بما فيها، وبثباتك ستتجاهل كل من عليها، وبانسيابيتك ستتحاشى أولئك الذين اعتادوا على أن يمسوك ويمسوا غيرك، ويستبدون بافتراءاتهم وكذبهم وظلمهم، وذلك طبعا من خلال باطنهم لا ظاهرهم.
يقول علي بن أبي طالب كرم الله وجهه:
لا تظلمنّ إذا ما كنتَ مقتدراً
فالظلمُ ترجع عقباه إلى الندم
تنام عيناك والمظلوم منتبه
يدعو عليك وعين الله لم تنم
فما أروعها واجملها من كلمات، تزيد من إيمانك وتوكلك، وللأفضل تحفزك، وبثقة عالية تمدك وتدعمك، لتتغلب حتى على نقاط ضعفك، دون الالتفات لأباطيل لا تستحق ثانية من وقتك.
فلا ترضخ مهما ظلمت، لا تستلم مهما هزمت، لا تنكسر مهما تألمت.
فهناك الكثير من بعض البشر، لا يعون بتاتا فيما بين ايديهم من نعم، إلا بعد فقدانهم لها، لذا تجدهم يسفهون، يتسيدون، يتكبرون عليك ويكابرون.
وتلك النعم ليست بالضرورة أن تكون نعما (مادية أو معنوية) فقط، بل إنما قد تكون نعما على هيئة بشر كـ(أصدقاء، أقارب، إخوة، أخوات، معارف، أحباب... إلخ).
هذا، وخاصة بأننا اصبحنا نعيش في زمن لم نعد نعي بوقت رخائه، شدته، بلائه، لما قيل عنه: (لا الجار للجار، ولا الصديق وقت الضيق، ولا الأقربون أولى بالمعروف، فأغلبهم للأسف منافقون).
فإياك أن تغفل انت أيضا أو تنسى أن كل من على هذه الدنيا يعيش، سيأخذ نصيبه من (الألم، الفقد، الحزن، الخذلان)، مثلما أخذ نصيبه من (الفرح، السعادة، الرفاهية، السرور)، ففي النهاية والأخير تبقى دنيا! مليئة بالتقلبات ولا شيء يدوم فيها.
وكن واثقا أيضا، بأن في كلتا الحالتين، هناك جانب مختلف، جانب قد يدعمك ويشجعك، وجانب آخر قد يزرع الصبر في قلبك، وقوة التحمل في مكامنك.
ما سيجعلك بأن تتجاوز كل متاعبك، ويمدك بالقوة والأمل، وبصورة كبيرة سينضجك، وسترى أن مع مرور الأيام، سيغير الله سبحانه وتعالى حالك، من حال إلى حال، فقد يعتلي في المقابل مقامك، وقد ترتقي انت لكل ماهو يليق بمكانتك.
فقط لا تستبق الأمور، بل تريث بكل هدوء، وبلا عجل.. انتظر.