قال الشاعر محمود الوراق:
فَلَو كانَ يَستَغني عَنِ الشُكرِ ماجِدٌ
لِعزَّةِ نَفسٍ أَو عُلُوِّ مَكانِ
لَما أمر اللَهُ الحَكيم بِشُكرِه
فَقالَ اشكُروا لي أَيُّها الثَقلانِ
كما قال الشاعرالبحتري:
كم نعمة لا يستقل بشكرها
لله في طي المكاره كامنه
وقال الله تعالى عز وجل في كتابه العزيز (لئن شكرتم لأزيدنكم)، آية صريحة توضح لنا وبشكل جلي، كيف للشكر والامتنان أن يصنع لنا المعجزات وما قد لا يخطر حتى على بالنا قط، فهو سر من أسرار تجلي الأهداف، وسبب من أسباب الوفرة والبركة في الحياة، فدائما القلب الممتن، يكون كالقطرة الممغنطة للمعجزات، التي تجعلك ترى وتلاحظ وتدرك النعم الموجودة حولك، حتى وان كنت أنت في أسوأ ظروفك.
فالامتنان له أثر إيجابي كثير في حياتنا، كلما ازداد شعورنا به، سيزداد الخير الذي سنحصل عليه، والخير المقصود به هنا، ليس بشرط أن يكون بالأشياء المادية فقط، بل إنما قد يكون بالأشياء المعنوية أيضا، أي قد تكون رفاء أو سراء، سعة أو قناعة والتي هي سبيل الراحة النفسية، أشخاصا رائعين أو أماكن جاذبة تلفت إليها الأنظار، فرصا ممتعة او صدفا جميلة، تسعدنا وتنسينا.
فكم هو رائع إدراكه، وملاحظته والإحساس به، وتقدير قيمته ومعرفة أهميته في حياتنا، والاستشعار بالسعادة الغامرة لوجوده.
فقد تمت هناك عمل دراسات وتجارب أميركية كثيرة على خاصية طاقة الامتنان وطاقة الحب، فوجدوا أن طاقة الامتنان هي أعلى طاقة في الترددات بعد طاقة الحب مباشرة، ووجد أنها تحدث أثرا قويا جدا على من يمارسها كعادة يومية.
فالامتنان والشكر لله سبحانه، الذي علا فقهر، وملك فقدر، وعفا فغفر، وعلم وستر، وهزم ونصر، وخلق ونشر، كلما ازداد منك وبنفس قانعة راضية، وجدت ما يسر بالك ويرضيك.
لذلك تجد الممتنين وحدهم هم المستحقون حقا لاستقبال المزيد من النعم والخير والجذل والهناء والنعيم، فدائما ما يكرمهم البارئ سبحانه أكثر مما يظنون به، كالسحر يصبح امتنانهم، يساعدهم في تجلي صغير آمالهم وأهدافهم إلى كبيرها، فقط كن دائما شاكرا، ممتنا، مبتسما.
مبتسما حتى في المواقف السيئة، فالمواقف السيئة التي تحدث معنا، تستحق الكثير من الامتنان منا ايضا لما لها من جانب حسن، فهناك حديث عجيب، أن رجلا قد يكون حديث عهد بالإسلام، وجد امرأة كانت بغيّا ثم أسلمت، فجعل يكلمها حتى بسط يده إليها، فقالت: مه! جاء الله بالإسلام، يعني حرم هذا، فارعوى الرجل واستدار وانصرف، فلقيه جدار شجه، وجعله ينزف، فذهب إلى النبي ﷺ، وأخبره بما حصل، فقال له الرسول: أنت عبد أراد الله بك خيرا، فرد عليه كيف؟ أجابه قائلا: لأن من أراد الله به خيرا عجل له عقوبة ذنبه، ومن أراد به غير ذلك سيلقى هذه الآثام أكواما يوما الدين.