ما أكثر تلك المواقف التي يلزم فيها اتخاذ قرار المواجهة للتأثير على التوجه السلبي الذي تم اختياره سلفا، والذي كان سببا في وقوع ما لا يحمد عقباه، فلا أحد يستطيع إخفاء أضرار الهزائم والخسائر التي يتعرض لها في حياته، لكن هناك من يستطيع تجاوزها وعدم التأثر بها بشكل مبالغ فيه على الأمد البعيد، وهذا مما يعين الإنسان على المواصلة في مواجهة كل ما يعترض سبيله بجرأة.
فليس هنالك خيار اسمه الهروب من الواقع في قائمة اختياراتنا، ونحن فقط من نقرر أن نواجه بالفعل الأمور التي تحدث معنا في هذه الحياة المليئة بالفتن والمصاعب والمشاكل وكثرة البلايا.
لذلك من الرائع جدا أن نعتبر الهزيمة في أي مواجهة دنيوية نواجهها مجرد مرحلة عابرة وليست نهاية العالم، فالهزائم رغم أنها لا تخلو من وجود جوانبها السلبية على الأمد القصير، إلا أنها في المجمل تقوينا وتجعلنا أكثر قوة وصلابة.
كما لا ننسى أيضا ضرورة الإيمان القوي بالذات، فبه يكون الإنسان قادرا على مواجهة الحياة بكامل تجلياتها القاسية والمؤلمة، والتي يمكن أن تظهر السوء الذي تبطنه بشكل غير متوقع.
وبه يسعى الإنسان دائما الى المبادرة قدما في مواجهة ما يعترض السبيل دون أي تخوف أو قلق أو مماطلة، فمهما كانت العوائق والهزائم التي تعاش، إلا أنها غير كافية ولا تستحق لأن تجعل المرء مستسلما لها قانطا من رحمة ربه أمام كل ما يواجهه.
كما أن امتلاك التفكير العملي المحفز على مواجهة كل ما يقع علينا لا يأتي عبثا هكذا، بل يأتي نتاج تراكم تجارب وخبرات بفعل التعرض لمواقف حياتية كثيرة تسهم بشكل غير مباشر في الحصول على تلك العقلية اللااستسلامية.
ومن الغباء جدا أن تدع كل ما يقع لك يشوش ذهنك، فهذا لا محالة سيفقدك المانع الذي يمسكك عن الوقوع رهينة الاندفاع بتهور نحو القيام بردات فعل غير مدروسة، فاختيارك لقرار المواجهة يعني بالأساس أن تحيا بعزيمة شامخة، وبأن تتحلى بردات فعل هادئة، راكدة ومدروسة، فالدنيا لا تعاش بسهولة دون جهد وعناء، كما عليك ان تتحاشى وضع نفسك في دور الضحية دائما، فلعب هذا الدور في الحياة من أكبر ما يمكنه أن يضعف من قدرات الإنسان على مواجهة ما يقابله في الدنيا.
أما الشيء المؤكد والمهم والذي ينبغي الإيمان به فهو أنه لا أحد على وجه هذه الأرض يمكن له أن يعرفك أكثر مما تعرف نفسك أنت، فالدنيا بالرغم من أنها ليست بالطريق السهل إلا أنها كثيرا من الأحيان تخرج منك أروع وافضل ما فيك من لآلئ مكنونة وفريدة، كما أنها تكسبك مهارات وقدرات لا مثيل لها.