قد لا نعرف عن الأم شيئا سوى انها الحياة بكل ما فيها، وهي الأكثر تأثيرا على حاضرنا ومستقبلنا، وهي نموذج التضحية والعطاء الذي لا ينضب، هي العواطف الصادقة، هي الكلمة الحانية، هي الملجأ الآمن لنا، هي صندوق أسرارنا، هي القادرة على احتوائنا، هي التي تختصر كل المعاني العظيمة، في جنبات اسمها.
لذا، قد نستهجن كثيرا ونستغرب حين نرى أو نسمع العكس، أي أن تكون هناك بعض من الأمهات تجردن من كل ما يمت للأمومة بأي صلة، فيصبحن كينبوع مليء بالحجارة، تمشي عليه فتتعثر به، وكلما اقتربت منه، تخسر كل شعور جميل في هذه الدنيا تشعر به.
وفي المقابل، يملؤك هذا الينبوع بالكثير من الاحباط النفسي، واليأس والفشل والاغتراب الذاتي، فتشعر وكأن ثقلا كبيرا يجثم فوق صدرك.
أم:
توقعك في الغلط المفتعل وتتهمك، تحاول بقدر المستطاع أن تطمسك، وتفاخر في خذلانك وخيبتك، تكيل بمكيالين بين ابنائها وبناتها، «تفرق، تشتت، تبعد، تشوه»، من ثم تقذفك، تهينك وتستخف بك.
أم:
تكسر مجاديف الزمن لتمحقك، فتعصف بك ولا تنصفك، دون أدنى مراعاة لمشاعرك، وفي المقابل تجدها تسعى لترضي من يلبسه الباطل من رأسه الى أخمص قدميه، وكالظل المتكاثف المظلم يكتسيه، وتدوس على كرامتك وكيانك، وتكسر بخاطرك، لتفرحه وتؤنسه وتسعده.
أم:
تتلذذ بنشر النميمة المضلة في قلوب ابنائها وبناتها، وتستمتع بتشويه صورتهم، أمام كل شحيح نفس، وواطي قيم، ودنيء طباع، فتجدها تتملق، تداهن، تحرض، تحور الكلام، وتبالغ في ذمهم.
فلا أحد ينكر دور الأم أو ينكر مكانتها، التي أوصانا الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم عليها، «أمك ثم أمك ثم أمك»، فهي جنتنا ونارنا، لكن للأسف ليست كل أم أماً.
فوصية الله للآباء والأمهات بأولادهم وبناتهم، سابقة على وصية الأولاد والبنات بآبائهم وأمهاتهم.
وأقل واجب بإمكان كل أم أن تقدمه، هو زرع بذور الحب، المودة، الصدق، الصفاء والنقاء بين أبنائها وبناتها، كونها قدوة لهم، وان كانت نفوسهم جدباء، يجب ألا تيأس وتحاول أن ترويها بالصبر
وطول الرجاء، لا ان تزرع فيهم الغل والحسد والشحناء والبغضاء.
فبالتقوى الجميلة وبالحنان، تستطيع أن تنشئهم نشأة رائعة، تثري بها عقولهم ونفوسهم، وتزيدهم تبصرا في ذواتهم، ليكونوا أسوياء.
وان لم تكن الأم ذات تأثير كبير من خلال تربيتها لأبنائها، لما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «إياكم وخضراء الدمن»، وهي المرأة الحسناء في المنبت السوء، كما قال صلى الله عليه وسلم: «تخيروا لنطفكم وانكحوا الأكفاء وأنكحوا اليهم».