والبعض حين يكثر ظهوره هنا وهناك، ويكون بين مجموعة من المتملقين والمتصنعات، ويجلس معهم ليشاركهم في الحديث والحوار والنقاش فيما قيل ويقال، سرعان ما ينخرط ويسرح حول نفسه متحمسا، وكأنه اصبح من اكثر المشاهير شعبية، وله نفس التأثير الكبير في تصاعد الهمم فتأخذه الدهشة ويعيش الدور بحذافيره، ليبهرك بتقمصه لشخصية لا سقف لها ولا أفق، طبعا بسبب فرط اشفاقه على نفسه الرديئة وتهالك عقله.
تراه داخلا متحفزا في منافسة حادة وسط محيط من الكذب والمبالغة والمغايرة، ليثرينا فيما بعد بالنصائح والحكم، ويوصينا بالابتعاد عن الغيرة والحسد والعدم والطعن في الذمم.
وإيانا أن نصبح حجر عثرة في طريق كل شخص ناجح مميز ملهم ومهم.
ونسي بأن كل تلك الأمور متغلغلة في ذاته، كما نسي حقده وخبث انفاسه، والمضحك حقا، حين يتغنى بعشقه للسلام وصفاء النية وتقديس الاحترام، ويحذرنا من تصنع المثالية وما تجلبه لنا من وخام.
كما يؤمن هو بمقولة: «دعمك لنجاح الآخر، لن يقلل من نجاحك أبدا»! متوهما بأنه ناجح مثلهم، ويستحق الدعم كاستحقاقهم، وبالفعل هو ناجح، نعم، لكن ناجح في مخادعة الناس، بينما هو لا يخادع إلا نفسه.
وبكل مكر في الخفاء، هو أول من يزلزل عروشهم ويمطرهم بشفار سيوفه الغادرة ليقبح صورتهم، وان كان بعضهم من لحمه ودمه، إلا انه يزيد ويتلذذ بتشويه سمعتهم، وتلك هي الصدمة القاسية التي غرس أسهمها في قلوبهم.
وكأنه بذلك يريد ان يعمي أعيننا عن تناقضاته العجيبة والغريبة.
شخص: يسعى إلى مغنطة عقول من حوله بارتدائه لذلك الثوب الملائكي الذي لا يليق به، ورغم كل محاولاته المضنية إلا ان طول سلم النجاح أتعبه جدا وأرهقه، فاختصره باعتماده الكلي على التسلق على أكتاف الآخرين.
فلم لا تعطي الأولوية لشخصيتك، وتحذرها من مثاليتك العشوائية لا المصطنعة والتي من خلالها كشفت لنا عن كل أوراقك، وبينت للآخرين حقيقة معدنك ونفاقك، وأظهرت بشكل جلي انتهازيتك وأنانيتك ووصوليتك؟
وفجأة: بعدما كان للأسف يعيب في هذا ويستهزئ بذاك، اصبح كـ«الابله»، يركض خلفهم، يتذلل لهم، وبصورة مبرمجة يقلدهم ! وبتكتم شديد من تحت الطاولة يقذفهم!
نعم: للنجاح فرحة لا تقدر بثمن، لكن لا يبنى أبدا بالطريقة التي اتبعتها انت، لتمضي في طريقك بعدها وكأنك لم يصدر منك شيء، يؤذي أو يسيء لغيرك، وتلعب دور الضحية، وتصطنع وقوعك بتعسف الآخرين لك.
فكفاك هزوا وسفسطة، فالدنيا تدور، والمصالح تنتهي، وسندور نحن في طياتها، وستذوق مرارة أفعالك، فـ«كل ساق سيسقى بما سقى».