تملكها وحدك، وتضع مفاتيح فهمها واستيعابها في سيادتك، فماذا تملك أنت؟ (موهبة فريدة من نوعها؟ حكما وأقوالا مأثورة تذهلنا بها؟ ثقافة قيمة بحروفها تفحمنا؟ عقلا نيرا اكتشف الفن البيزنطي وطوره لنا؟ قوة، شغفب، اختراعب، علمب نادرب... إلخ)؟ يبقى هو في النهاية والأخير لك، وبه قد ينتفع الكثير غيرك.
وسيعتبر ذلك المدخل الأساسي الذي يعبر عن شخصيتك، وقد يترسخ من خلاله عبر التاريخ اسمك، بل هو علاقة تكاملية تشمل بأوجه تأثيرها أولا نفسك، من أولى اختياراتك وفرادة مؤهلاتك وخصائصك.
ومن بعد ما تكتشفها تسعى لإيصالها، بجهودك، ذكائك، ابتكاراتك للآخرين غيرك، حيث تمر عليهم من خلالك ببراهينك، بقوة إمكاناتك، ليعرفوك ومن ثم يقيموك، فإن كنت متقنا حقا لها، ستتاح لك طباعة فخامتها وجمال تفاصيلها بيدك، كما ستصوغها وعلى نار هادئة بعقلك، لتنميها اكثر وتصقلها، لتتميز بها وتثمر، والأهم أن تكون انت على قدر كاف من الكفاءة والثقة لتوصيلها وتحقيقها.
كذلك ضع في عين الاعتبار أيضا، أن لكل خط أنت اخترته أو مجال انت أحببته، له افرع عدة كثيرة ومختلفة، تجعلك بحاجة لمتلق حقيقي مختص ومتمكن، متلق متذوق ممتهن فيما اخترت وأحببت من ميول، تكمن فيه روعة شغفك.
فالمتلقي لا يقل دوره أهمية عن أهميتك، فأبسط واجباته تحتم عليه في إثراء النقد وأنماطه بأمانة وضمير تجاهك، كي لا يعرضك لوابل من الهجوم الساخر وتبعاته، ذلك لأنه يدرك أساسيات وزوايا نظرياته، فثق بأنه بتاتا لن يجاملك ولن يجامل أي شيء على حساب نفسه، تخصصه، مجاله، ولن يجامل أيضا إرضاء لأقارب، معارف، أصدقاء دون استثناء، كي يثني عليك ويصفق لك، لأنه بتلك الطريقة سيهدمك بدلا من أن إلى الأفضل يرشدك.
أما إذا كنت على العكس، فتأكد بأنه سيؤمن بك وسيقف معك، سيساندك ويعلمك، كي تتألق انت في عرض ميولك وموهبتك، وتصبح قادرا على الانسجام معها، وثابتا بكل ثقة حين تقدمها.
ولكن! لا تضع نفسك في مكان لا يليق أبدا بك، وتحابي هذا وذاك وتثير جلبة هنا وهناك، لتقنعهم وبطريقة مملة ومزعجة بقــدراتك، مواهبك، كفاءتك، كي لا تصبح رخيصا في نظرهم وينفرون منك، فلو تفهمت ما يدور بخلدهم، لاستوعبت أن المتلقي الحقيقي المدرك كما قلنا، سيختارك ومن دون أدنى مجاملة سيدعمك.
فأحيانا قد يختار الشخص ما لا يناسبه، وبصورة باهتة وسخيفة ستظهره، وللأسف يصر وبكل غباء أن يقف في نفس المكان لا يريد أن يغيره!
بعكس لو فكرت بعقلانية وجدية لاتسعت آفاقك اكثر ومداركك، وبحثت عما يناسبك، والأهم من ذلك أن يكون قريبا من شخصيتك ويمثلك.
يقـــال: «احتف بالطرق الـــتي تجعلك مميزا وفريدا من نوعك».