بقدر ما تحاول ردع ذاتك وتتيح لنفسك فرصة للتذكير وبشكل دائم بأن تتجرد من أنانيتك ولا تستسلم لها، وألا تغوص بعمق في دسائسها ومكائدها، ستهدأ روحك ولن يتلوث أبدا قلبك.
تردعها، تهذبها، كي لا تتمادى في الللهث وراء دناءتك، خبثك وتقلباتك، فتصبح غارقا في غفلتك، جاعلا منها نفوذا قويا في فتح أبواب مغلقة! أبواب تجعلك عاجزا عن محبة الآخرين من حولك، وشيئا فشيئا ومع مرور الوقت سيحلو لك أن تتبختر في طريق داكن معتم، طريق مغاير لطريق الآدميين عامة، غامض ومبهم، طريق أغواك الشيطان به لتطمع وتتجاوز إشباع رغباتك وأنانيتك المرة، وبصورة مستمرة سيعمل على تشويش عقلك، ما سيجعلك تتعامل مع الغير تماما كأنهم سلعة منافسة لك، وستتصرف معهم كأنهم أعداؤك، هادمون لسعادتك.. فرحتك ولذة حياتك، كونك استسلمت استسلاما كليا لهذا الطريق، وتمسكت بإصرار به راضيا بعقباته، ومثلما يقال: «قفص الأنانية لا يسع غير صاحبه»! بعكس لو قاومتها وتحررت من قيودها، وعملت بما يغايرها، فتأكد أنه إلى الأسمى سيعلو مستوى عقلك، وسترتقي بشكل واضح بشخصيتك وذاتك.. فيكفي أنها بالبر الذاتي ستشعرك، في زمن أصبح الإنسان فيه عبدا وبلا ضوابط للأسف لقبح دواخله.
وتيقن أيضا من أنك لو تخلصت حق التخلص منها فسيساعدك هذا أكثر في استيعاب التغيير الذي إلى الأعالي سينقلك، وليس إلى الدرك الأسفل يهبطك، وسيزيح عنك كل ما يشقيك ويؤرقك ويتعسك، فالأنانية هي التي تجعلك تعيش في صراع قاس لا يجلب إلا الغيرة، الحسد، البغضاء والتناقض، صراع من خلاله ستؤذي بالهلاك وكثرة الحسرات نفسك.
وكما يقال: «ثلاثة أشياء تسقط قيمة المرء: الأنانية وحب السيطرة وحب المال، وثلاثة ترفعها، الوفاء والتضحية والفضيلة».
فما أروع أن يكون الإنسان للإنسان أرحب من كل الأماكن والمساحات الموجودة على سطح الأرض وأوسع.