ما أكثرهم أولئك الذين يغطون وقاحتهم وفشل شهرتهم وحماقتهم اللامتناهية بالمثالية المصطنعة وبلمسات إنسانية تظهر بشكل مفاجئ عليهم، يدّعون كرههم للتعجرف، ونبذهم جميع مظاهر العنصرية بكل طباعها، ورافضين من يتبعها، وهم للأسف في الأساس لا يدركون ماهيتها، ولا يعرفون حتى شيئا بسيطا عنها، فهي بالنسبة إليهم مجرد هتافات وشعارات يرددونها زيفا، لكنها في الواقع لا تمثلهم أبدا.
يستغلونها فقط لإثبات وجود ولفت انتباه لا أكثر، وهؤلاء هم من أطلق عليهم مسمى (متسلقو الأزمات)، ذلك نسبة إلى تسلقهم بحثا عن أي موقف، أزمة، أو حدث ما، من مغز إبرة، وينبشون بكل متعة وشغف فيما بين السطور علهم يصطادون بشباك لؤمهم كلمة هنا أو هناك، سلوكا عابرا أو تصرفا غير مهم لكنه أحدث في المقابل ضجة واسعة بوسائل الإعلام وغيرها، لتجدهم للأسف بدلا من أن يخففوا وطأته، يقومون بتضخميه، ثم يبدأون بدورهم المعتاد وهو إظهار ردود أفعالهم الغاضبة، والتي دائما ما يذيلونها بقيمهم، كرمهم، ارتقاء فكرهم ومعايير أخلاقهم، إلى أن أصبح كل واحد منهم يتفنن عن طريق شخصنته، وصلافته الرثة ونقصه، بأن ينقلها بصورة منحازة ومقززة! صورة دفعته إلى جانب آخر، جانب بعيد جدا عن كل ما كان يدعيه ويدعي كرهه ونبذه إياه، جانب استغله بمفهوم ملغوم وغليظ، وبشكل مخز ومعيب، ما جعله يؤوله جنوبا وشرقا ويؤججه، خصوصا في مواقع التواصل الاجتماعي، التي أصبحت الآن ثاني محرك بحث عالميا بعد «غوغل».
وهنا فقط يظهر للمنافق، المداهن، المهزوم والمنحط أخلاقيا لسان لاستقطاب أكبر عدد ممكن من الناس حوله، يصفقون له ويثنون عليه، كونه حريصا جدا على مثل تلك الأمور، ليزيد ويستشيط أكثر ودون وضع أي اعتبار، ويا ليته استشاط غضبا، بسبب مبدأ حقيقي يؤمن به، لكنه يتحذلق ليجر النار إلى قرصه لأنه على يقين تام بأنه من الأشخاص الذين لا قبول لهم بين غالبية مجتمعه، مهما فعلوا ومهما قالوا، فلا تستغرب حينها عندما تسمعه يمجد ويشيد بأفراد آخرين وبطريقة مستفزة وإن كانوا على باطل، ويسيء في المقابل بطريقة ثأرية الى أفراد شعبه، وإن كانوا على حق فلا لوم عليه، شخص مضطرب في الأفهام الثقافية والاجتماعية، كالسجين الذي لا يريد أن يعمل، وفي الوقت نفسه لا حرفة له يقدمها سوى ما ذكرناه في بداية مقالنا، وكم يصعقك هذا الشخص حين يجزم ويقسم بأنه لا يسعى من وراء تصرفاته تلك إلا للخير! أي خير هذا يا ترى الذي جعلك تستميت لتزيد النار حطبا؟! كفاكم مواربة وتلاعبا بالألفاظ والمفردات وخلطها مع سخافاتكم وكثير من التفاهات.