أمد يدي هذه الايام بقلب مهموم لقراءة الجريدة الصباحية، فليس هناك مؤشرات تدل على تراجع اراقة الدماء في سورية، لقد تحولت المدن الشامخة مثل حمص وحماة ودرعا ودير الزور الى مدن الحزن، حيث اصبحت الحياة اليومية تغص بآلام المواكب الجنائزية والخوف من المواجهات مع قوات الامن، حتى شهر رمضان المبارك لم يشهد اي توقف لوحشية النظام.
لكني لا اعتقد انني انا وحدي من يشمئز من الاجراءات المتخذة من قبل نظام الاسد في سحق الاحتجاجات الشعبية السلمية والمشروعة المطالبة بالحرية والاصلاحات السياسية، هنا في الكويت ارى ان هذا البلد ـ الذي يتمتع بتاريخ طويل في حرية التعبير يتيح تباين الآراء السياسية ـ يظل موحدا في ادانته للعنف في سورية وكان ذلك جليا في الخطابات الصريحة لاعضاء مجلس الامة، وايضا فيما نقله الصحافيون بكل وضوح حول سفك الدماء في الشارع السوري، ولقد سحبت الحكومة الكويتية سفيرها من دمشق مؤقتا وتحدثت بكل صراحة في مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية وفي مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة، وانضم الشعب الكويتي ايضا الى فريق المحتجين ضد النظام السوري، وعبروا عن مساندتهم للشعب السوري، فمن الواضح ان مفاهيم التضامن العربي والكرامة مازالت حية ومعافاة في هذه الزاوية من الخليج.
اما في اوروبا، فقد كان صوتنا بالمثل مسموعا في معارضتنا وادانتنا للقمع في سورية، في 3 سبتمبر اتخذ الاتحاد الاوروبي المزيد من الاجراءات الحاسمة ضد النظام السوري من خلال فرض عقوبات على شراء وتوريد ونقل النفط الخام والمنتجات البترولية من سورية، اضافة الى اتخاذ اجراءات اوروبية واسعة النطاق لتجميد ارصدة وفرض حظر سفر على 4 رجال اعمال سوريين و3 كيانات، اتباعا لاجراءات مماثلة متخذة مسبقا ضد خمسين شخصا وتسع كيانات تدعم النظام السوري، هؤلاء المستهدفون يشملون الرئيس الاسد نفسه وشقيقه ماهر، قائد الفرقة الرابعة في الجيش السوري، ولقد فرض الاتحاد الاوروبي ايضا حظرا على بيع الاسلحة لسورية واوقف جميع المساعدات المالية للبلد.
لكن على الرغم من هذه الادانة الدولية، والتجاهل الصارخ لتطلعات الشعب السوري المشروعة، مازال النظام يترنح ويتخذ خطوات اكثر دموية لضمان بقائه، لذا فإن الحكومة البريطانية واضحة في وجهة نظرها ان المجتمع الدولي بحاجة الى العمل معا لمنع المزيد من سفك الدماء وحماية الشعب السوري من وحشية حكامه، لهذا السبب نحن مهتمون بالتوصل الى اتفاق في مجلس الامن التابع للامم المتحدة لاستصدار قرار صارم حول سورية، فنحن في اوروبا ـ كالعديد من البلدان الاخرى في المنطقة وفي جميع انحاء العالم ـ نتحدث بصوت واحد بشأن هذه المسألة، وهو نفس صوت الناس في جميع انحاء العالم العربي، وهو نفس صوت اصدقائنا وحلفائنا في الكويت.
مع الاسف، ليس الجميع مقتنعين بأن هناك مبررا لاجراءات مثل فرض العقوبات على سورية ويجادلون بأن السيادة الوطنية هي الاهم وان البيانات غير المقنعة للرئيس الاسد بخصوص «الاصلاح» تعني انه يحتفظ بشرعية الحكم، نحن نختلف بشدة، ان مهمتنا الآن تدور حول مواجهة حجج هؤلاء الاعضاء في المجتمع الدولي الذين يحاولون سد الطرق واعاقة الخطوات تجاه اتخاذ المزيد من الاجراءات الدولية ضد نظام الاسد، ومثل هذه التصرفات تطيل امد معاناة الشعب السوري بشكل غير مباشر ولا يمكن الدفاع عنها ادبيا، اذا نجحنا اتمنى ان اتمكن في القريب العاجل من ان آخذ جريدتي الصباحية واقرأ عن مستقبل مشرق للامة السورية، مستقبل يستحقه شعبها الشجاع بكل جدارة.