أولى ديننا العظيم- الإسلام- الوالدين اهتماما بالغا، فجعل طاعتهما وبرّهما من أفضل القربات إلى الله تعالى، ونهى عن عقوقهما، حيث قال سبحانه وتعالى: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا) (الإسراء: 23).
كما أمرنا الله سبحانه وتعالى بأن نعبده ولا نشرك به شيئا، وجعل بر الوالدين مقرونا بذلك، كما أنه سبحانه وتعالى أيضا قد قرن شكرهما بشكره، يقول تعالى: (أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير) (لقمان: 14)، وقد قال سفيان بن عيينة: «من صلى الصلوات الخمس فقد شكر الله تعالى، ومن دعا لوالديه في أدبار الصلوات فقد شكرهما».
وفي صحيح البخاري، عن عبدالله بن مسعود قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أحب إلى الله عز وجل؟ قال: «الصلاة على وقتها». قال: ثم أي؟ قال: «برّ الوالدين». قال: ثم أي؟ قال: «الجهاد في سبيل الله».
ومما سبق ذكره من أدلة من القرآن والسنة يتضح أن برّ الوالدين من أفضل الأعمال بعد الصلاة، وأنه جاء بعد النهي عن الشرك بالله، وأتى مقرونا بالشكر لله، وكيف لا نبرّ الوالدين وهما سبب وجودنا في الحياة، وهما من سهر على راحتنا، وتعبا في تربيتنا، وحرما نفسيهما من ملذات الحياة لأجلنا؟!
والبر بالوالدين يكون من خلال الإحسان إليهما، والقول اللين، والرفق بهما، ومحبتهما، وتجنب القول الغليظ لهما، ومعاشرتهما بالمعروف، وإطاعتهما في كل ما يأمران به. إلا أننا الآن وفي هذا الوقت الصعب أصبحنا نرى عقوقا بالوالدين أكثر من برّهما، عقوق وصل إلى حد مفزع، ومستنكر، ومستهجن، فبتنا نسمع ونقرأ ونشاهد من شتم أباه وأمه، وسبّهما، وضربهما، وهجرهما، وألقى بهما في الشارع، بل وصل الأمر إلى حد قتلهما أو أحدهما.
فتذكر أيها العاق أن الله مطّلع على ما تقوله وتفعله في حق والديك، وأنك سترى عاقبة ذلك في الدنيا والآخرة، وانتبه واستفق قبل فوات الوقت، فعقوق الوالدين.. جريمة لا تُغتفر.