المرونة والسلاسة في التفكير والقدرة على مواكبة التغيرات باتخاذ قرارات من شأنها إحداث نقلات نوعية، هو ما نحتاج إليه في الفترة المقبلة، نحتاج إلى قرارات تحدث طفرة في مختلف المجالات، والبداية لابد أن تكون من قطاع التعليم، خاصة التعليم العالي، الذي يحتاج إلى إعادة هيكلة ليتناسب مع احتياجاتنا ومتطلباتنا في الفترة المقبلة، ولسد احتياجات سوق العمل وصولا إلى تكويت الوظائف وإحلال الكوادر الوافدة بأخرى كويتية ذات كفاءة عالية.
منتصف الشهر الجاري أعلنت المملكة العربية السعودية صدور أمر ملكي باستقلال ثلاث جامعات بالمملكة وفق نظام الجامعات الجديد، هي: جامعة الملك سعود، جامعة الملك عبدالعزيز وجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل، وهذه الخطوة نقلة إيجابية نحو التمكين والتميز والتطوير والجودة في مخرجات التعليم الجامعي، وسوف تساعد في إيجاد جيل متميز وعلى مستوى عال من الكفاءة وقادر على تلبية احتياجات سوق العمل في المملكة.
استقلالية الجامعات لها أهمية كبيرة، خاصة الاستقلالية المالية، حيث إنها تدفع الجامعة وتحفزها لتنمية مواردها المالية بما تملك من خبرات وأبحاث علمية وأفكار مبتكرة وأوقاف تؤهلها لتوظيف إمكاناتها كيفما تشاء، ومن ثم مساعدتها على مواصلة رسالتها وعدم الاعتماد الكلي على الميزانية المخصصة من الدولة التي قد تقيد نشاطها وتحد من قدراتها.
استقلال الجامعات لا يعني الفوضى أو التغريد خارج السرب، إذا تم الأمر على أسس ومعايير بنيت بشكل سليم ووفق قواعد وإشراف من الجهات المعنية، وبما يتوافق مع السياسة العامة التي تقرها الدولة فيما يخص العملية التعليمية، سيؤدي إلى خلق بيئة إبداعية وتنافسية بين الجامعات، ومن ثم تولد الكثير من الأفكار والمبادرات والإبداعات الشبابية التي تخدم الوطن والمواطن.
البعض أيضا يعتقد أن استقلال الجامعات يعني أن تصبح الدراسة الجامعية مقابل رسوم، وهذا غير صحيح، فالرسوم تقتصر على برامج الدراسات العليا وبرامج الدبلوم العالي والدورات التدريبية المهنية وبعض الخدمات التشغيلية، ووجود هذه الرسوم يسمح للجامعة بالاستثمار في المجالات التي تتماشى مع سياستها، كما أن ذلك سيفتح المجال أمام القطاع الخاص لتعظيم دوره وتقديم الدعم المعنوي والمادي لهذه الجامعات، خاصة فيما يخص المساهمة في تمويل ودعم مراكز البحث والأفكار المبتكرة والمشاريع البحثية.
رؤية الكويت الجديدة (كويت 2035) التي نسعى ونأمل جميعا تحقيقها والتغيرات التي طرأت علينا خلال الفترة الماضية نتيجة فيروس كورونا يحتمان علينا أن نتغير فكريا وعمليا، وأن نتماشي مع هذه التغيرات، وأن نكون مرنين بشكل يسهم في تجاوز الأزمة وعواقبها بأسرع وقت ممكن، وأن نطوع إمكاناتنا ونطورها بما يخدم هذه الرؤية.
ختاما: اتجاهنا نحو استقلال الجامعات يدعم الجودة المطلوبة في المؤسسات الجامعية ويضمن التحسين المستمر والتطوير للعملية التعليمية ورفع مستوى مخرجاتها، ومن ثم تحقيق التنمية البشرية والمادية والفنية المرجوة لوطننا الحبيب الكويت.
[email protected]