لم تمر على الكويت وشعب الكويت فترة إعلامية أسوأ من تلك التي سبقت إسقاط صدام بعدة سنوات، تمت شيطنة دولة وشعب بالكامل وتحميله كل الأمور السيئة التي حدثت للعراق وشعب العراق في تلك الفترة التعيسة من تاريخنا العربي المعاصر.
وأكبر أدوات تلك البروباغندا الخبيثة إن لم تكن الوحيدة كانت هي قناة الجزيرة.
فالكويت هي سبب حصار العراق والكويت تسببت في مجاعة اطفال العراق (في الوقت الذي كان صدام يستورد افخر أنواع النبيذ ويلتهم الغزلان المشوية). كل هذا التشويه وتلك الحملة المسعورة أتت من استديوهات قناة الجزيرة في الدوحة ومن مراسليها في بغداد الذين كانوا ينقلون صور معاناة الشعب العراقي والظروف السيئة التي تسبب فيها الحصار، لكنهم بقدرة قادر أغفلوا عيونهم عن قصور صدام الرئاسية السبعة وعن أطنان اللحم والخضراوات وكل ما لذ وطاب من خيرات الشعب العراقي التي تمر في أزقة وحواري بغداد الفقيرة وتذهب إلى المطابخ الرئاسية.
وكذلك غض مراسلو الجزيرة نظرهم عن كوبونات النفط العراقية التي تتقاذف يمنة ويسرة على بعض الإعلاميين العرب المرتزقة بل وصلت إلى الفنانات والممثلات ولكنها ضلت طريقها إلى معدة المواطن العراقي وأفواه أطفاله.
لم تذكر «الجزيرة» حرفا واحدا عن استيلاء صدام وزبانيته على أموال برنامج النفط مقابل الغذاء الذي ابتدعته الامم المتحدة لتوصل الغذاء والمواد الأساسية للشعب العراقي ولكنها فشلت فوقعت كل تلك الأموال في يد الحكومة العراقية التي تركت شعبها يعاني ويجوع وذهبت تبعثر تلك الملايين لشراء ولاء بعض الإعلاميين والسياسيين العرب والذين فتحت لهم قناة الجزيرة كل أبوابها واستديوهاتها وأعطتهم ساعات كثيرة وثمينة من البث المباشر على الهواء لينشروا سمومهم ويكرروا الاسطوانة المشروخة التي تم تلقينهم بها من غوبلز العرب وزير الإعلام العراقي السابق الصحاف.
وهذا الصحاف وحده كان نجما من نجوم قناة الجزيرة التي فرضته مادة يومية على شاشاتها فقط لينقل الكثير من الدجل والكذب حول واقع المعارك الدائرة، يساعده على ذلك الخبراء العسكريون العرب الفاشلون الذين استنهضتهم قناة الجزيرة من قبور تقاعدهم وأعادت لهم الحياة.
هؤلاء الخبراء العسكريون لم يتوقفوا عن خزعبلاتهم وتحليلهم حتى ظهرت ٣ دبابات أميركية في وسط ميدان بغداد فبلعوا ألسنتهم وصمتوا بعد أن بلعوا مئات الألوف من قوت الشعب العراقي جعلها الله في بطونهم حريقا ونارا.
خطورة ما فعلته قناة الجزيرة في ذلك الوقت انها بالإضافة الى استعداء شعوب الأمة العربية والإسلامية على الكويت وشعبها فإنها ساهمت في إطالة أمد معاناة الشعب العراقي وساعدت على استمرار الطاغية صدام في مكابرته على حساب معاناة شعبه فاستمر في سياساته الغبية حتى انتهى الوضع في العراق الى تلك المواجهة الحمقاء وغير المتكافئة مع أقوى جيش على وجه الارض والنتيجة هي ما نراه اليوم من تقسيم العراق وتعرضه لكل انواع الكوارث التي لن ينهض منها قريبا.
هي قناة الجزيرة التي استمرت في ضخ اكاذيب ودجل ذلك النظام المتهالك حتى انه صدقها بنفسه فقاد نفسه وشعبه لتلك النهاية المأساوية التي لا يستحقها شعب كريم مثل الشعب العراقي ولا بلد عريق عمره بالآلاف مثل العراق.
بلغت تلك الحملة المسعورة من قناة الجزيرة ذروتها في نهاية التسعينيات وشوهت صورة الشعب الكويتي لدرجة أنه حصلت حوادث كثير في بلدان عربية أن سواق التكاسي المغسولة أمخاخهم من قناة الجزيرة تعدوا لفظيا على السياح الكويتيين بل وصلت بهم في بعض الحالات كما حدث لطلبة كويتيين يدرسون في مصر وقتها أن سائق التاكسي أنزلهم واعتدى عليهم بالضرب.
نقطة أخيرة: إن كان صدام غزا الكويت واحتلها لسبعة أشهر فإن قناة الجزيرة زرعت في وعي قطاع كبير من الشعوب العربية والإسلامية صورة قبيحة ومشوهة عن الكويت وشعب الكويت لعشرات السنين وربما للأبد.