يستيقظ صباحا ويده على المغسلة يطرطش وجهه شوية ماي ويلبس دشداشته والغترة والطاقية والعقال ومو لازم يعدلهم يضبطهم عند أول إشارة مرور يركب سيارته يدقها سلف وإلى الدوام ينطلق. قصة قصيرة توضح مشوار الرجل الموظف للدوام.
تعالوا نقارنه ببرنامج الأم المعلمة الصباحي قبل الدوام: استيقاظ ثم مباشرة إلى غرف نوم الأطفال في عملية (تشلع القلب) وهي إيقاظ الصغار المستغرقين في سابع نومة. جهد يعادل المشي كيلو مع سماع العبارة الخالدة على لسان كل أطفال العالم في نفس الوضع «دقيقتين بس دقيقتين الله يخليك».
بعد النجاح في إيقاظهم يبدأ مشوار الحمام أعزكم الله والغسيل والتنظيف ثم الملابس وبعدها الفطور وهو وحده مهمة مستحيلة.. يا ولدي يا بنتي افطروا يأتيها الرد مالي خلق مالي نفس يا حبايبي افطروا أمامكم يوم طويل جدا في مدرسة خالية من كل وسائل الأكل والشرب النظيف والمحترم.
يبدأ بعدها مشوار المدرسة تتحول فيه تلك الأم الخارقة إلى وعاء صبر عملاق، فهذا يعلق الهرن خلفك، وهذا يريد أن يحذف عليك لاستغلال توقفك ثانيتين لكي لا تصدمي أطفالا عابرين فقط ليسبقك إلى اللفة فوق تحت (حقارة).
بعد قضاء ربع ساعة في مسافة لا تتجاوز ٥٠ مترا أمام المدرسة لإنزال الأطفال يبدأ مشوارها للدوام تتحول إلى سائقة في سباق الرالي فالمتبقي على التوقيع وإغلاق الكشف هو عشر دقائق لكن ما باليد حيلة فالتأخير واقع واقع.
لكن بفضل تفهم السيدة المديرة (العالمة بالحال فهي كانت مدرسة في يوم من الأيام) فتعطي تعليماتها لموظفة الكشف او التوقيع بالمرونة قليلا خمس دقائق عشر دقائق ربع ساعة في الحالة الطارئة جدا.
فهذي هي معلمة ومربية أجيال من صالح المدرسة والطلبة مراعاتها قليلا لكي تدخل الفصل وهي في حالة نفسية متزنة وتشعر بالامتنان لمديرتها الفاضلة فتعطي أفضل ما عندها في الصف وهو من واجبها وكرد للجميل للإدارة التي تفهمت ظروفها وراعتها ولم تكن كالسيف المسلط على رقبتها ولم يكونوا عونا للزمن وظروف الحياة عليها.
الآن تعالوا نشوف كيف سيكون آخر جزء من برنامج الأم المعلمة الصباحي في حال وجود البصمة.
وهو العشر دقائق أو الربع ساعة من إنزال أطفالها ثم الانطلاق إلى مدرستها أو حتى الانطلاق مباشرة الى مدرستها إذا كان أطفالها في نفس المدرسة وهو احتمال لا يتجاوز ٣٠%.
البصمة جهاز أصم أخرس قلبه أقسى من الحجر لا يعرف ان هذه أم تواجه شوارع ضيقة مكسرة تتراكم فيها مئات السيارات حتى ٢٠ ثانية لن يتجاوز عنها وبحكم انه مربوط بديوان الخدمة فالخصم بالانتظار.
خطورة هذا الوضع ان هذه السيدة الفاضلة وضع عليها ضغط هائل للوصول إلي مدرستها في وقت قياسي وخلال ماذا؟ خلال شوارع ضيقة مليئة بالأطفال الذاهبين والماشين إلى مدارسهم.
وهو أمر أتمنى ان يأخذه مسؤولو وزارة التربية وديوان الخدمة المدنية بالاعتبار الشديد فمكان عمل المعلمة يقع في وسط ضواحينا وداخل شوارعنا المليئة بالأطفال الصغار المنتشرين في كل مكان والذاهبين في نفس طريق هذه السيدة الفاضلة ووضعها مختلف عن باقي موظفي الدولة العاملين في وزارات ومؤسسات خارج الضواحي وفي أماكن بعيدة عن تلك الشوارع الضيقة المليئة بفلذات أكبادنا.
المعلمة وضعها غير، فالواجب تهيئة كل سبل الراحة والطمأنينة لها لتؤدي عملها كمربية أجيال على خير وجه.
ghunaimalzu3by@