كل ما ذكره الله عز وجل في كتابه الكريم لحكمة وموعظة للمتقين، من يقرأ ويفهم ويتدبر يدرك جيدا أنه سبحانه نادى بالتعاون والاتحاد والشورى ولكن في دروب وأوجه الخير لأن ذلك وحده مدعاة للنجاح والنجاة، قال سبحانه وتعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)، فحين يتعاون الأخ مع أخيه والابنة مع أمها والصاحب مع صاحبه على الخير ينجو الكل من الوقوع في الخطأ، ولكان ذلك دليلا قاطعا على تقوى الله، وفيه نجاح للفرد ونجاح للجماعة ولعمّ الحب أرجاء البلاد وقلوب العباد ولوصل العمل الموكلين به إلى درجات الرقي ولاتضح العطاء في أبهى صوره ولتقدمت أمة الإسلام ونلنا بهذا التعاون رضا الوالدين، لكن للأسف وللأسف الشديد ان الشق الثاني من الآية والتي نهى فيها الله عز وجل عنه ألا وهو التعاون على الإثم والعدوان هو المنتشر في مجتمع المفروض أن يقال عنه «مسلم».
هذه حقيقة مرة نلمسها في بيئة العمل ونراها بين أفراد الأسر ونشاهدها واضحة بين الناس في المجتمع، هم لم يتبعوا أوامر الله ولم ينتهوا عن نواهيه بل كأنهم بهذا أحلوا حرامه وحرموا حلاله، وأخذوا الآية بالمقلوب فلم يقرؤوا القرآن الكريم قراءة سليمة ولم يتدبروه أو يحاولوا فهمه كما لم يستفيدوا من دروس الدين سواء في المدرسة أو عبر وسائل الإعلام المختلفة إن أكملت لقلت لم يعوا جيدا نصائح أب أو تربية أم، وكأن المثل الذي يقول «إن الشر يعم» هو الصحيح أو كأن التفاحة الفاسدة هي التي لها أثر على الأخريات، فبات التعاون على الشر والإيذاء والقطيعة هو الدارج بين الأفراد، التعاون على الكره والحقد هو السائد، التعاون على الإثم هو الأهم، وصار الساكت عن الحق فعلا شيطانا أخرس، وبيئة العمل دليل ولنا في بيئة العائلة دليل آخر ويا حسرة على العباد حين تنقلب الموازين.
[email protected]