يطلق أهل الاختصاص على السياحة مصطلح «الديبلوماسية الشعبية» لأنها في حقيقة الأمر هي رسالة للسلام والتأخي والتواد والتواصل ونسج العلاقات الفردية بين جميع الأفراد من كل لون أو جنس والدولية بين الدول، فكم من ترابط بين دولتين متباعدتين بسبب علاقات الشعوب، واللغة القائمة بينهم.
ولنا في الكويت بعلاقاتها الوطيدة والحميمة مع دول كبيرة وكثيرة أسوة، ودلالة، فكم من سائح كويتي أو مهاجر في سبيل علم أو ثقافة أو تدريب أو علاج يعطي انطباعا إيجابيا عن بلدته، وتولد تلك الرحلة نواة لعلاقات تستمر لسنوات تتسع وتتعمق مع الأيام وفي تجارب كثيرة نتج عنها شراكات تجارية كبرى.
مفاهيم ولغة وبزنس السياحة وصناعتها لم تعد مجرد نزهة فقط فمن خلال هذا القطاع يمكن نشر لغات وعادات ومفاهيم وثقافات، وقلب موازين اقتصادية وتجارية وتحقيق نهضة، فالسياحة مجددا ليست حجزا فندقيا وزيارة تراث أو غيره، مع التطور التكنولوجي والعصري والحياتي والعلمي باتت السياحة إحدى اخطر وسائل العصر للتأثير والتأثر، والنهوض الاقتصادي، ويمكن التأكيد على ذلك من قراءة حجم التوسع الهائل في إمارة دبي للخدمات الترفيهية، فهي تبني للمستقبل السياحي وليس لأهل الإمارة أو قاطنيها.
من خلال رؤية استراتيجية للكويت يشارك في وضعها أهل الاختصاص من الخبراء في هذا المجال، يمكن أن يكون هناك مستقبل باهر لاسيما ان أمام الكويت أكثر من مجال للتخصص فيه، على سبيل المثال السياحة الاقتصادية، فالكويت بلد تجاري بامتياز وموقعه أكثر أهمية في المنطقة ويمكنه أن يكون محور ارتكاز مالي وتجاري إذا ما تم التخطيط الجيد وتوظيف العلاقات المتميزة لخدمة تلك التطلعات.
من المفاهيم الحديثة التي افرزتها السياحة هي انها لغة صامتة تقوم بدور بارز مؤثر في توثيق العلاقات بين الدول المصدرة والمستقبلة للسياحة وهو بالطبع مماثل للدور الذي تقوم به السياسة في توطيد العلاقات بين الدول، فالسياحة والسياسة وجهان لعملة واحدة يكمل كل منهما الأخر، يفوز بثمارهما من يوظفهما التوظيف الأمثل نحو اهداف اقتصادية تخدم الوطن وتحقق الرفاة المستدام.
ومن القواعد الأساسية للسياحة الاستقرار فيجب أن نعلم أن ازدهار السياحة في أي دولة مرهون بشكل قوي بإلحالة السياسية لتلك الدولة خاصة فيما يتعلق بالأمن والاستقرار، فكلما كانت الدولة آمنة مستقرة كان ذلك عاملا مساعدا على اجتذاب السياح من جميع أنحاء العالم كافة، وعلى النقيض تماما فإن الدول التي تعاني من اضطرابات سياسية أو أمنية مثلما يحدث الآن في دول الربيع العربي وتركيا وتايلند عادة يكون النشاط السياحي بها متدنيا ومتدهورا، فمن الذي يقدم على السفر والترحال إلى دولة تعاني من ضعف الأمن وانتشار الفتن والمشكلات السياسية.
فإذا كانت السياسة أمرا مهما بالنسبة لنشاط السياحة فإن العكس أيضا صحيح فإن السياحة أيضا من الأمور المهمة جدا بالنسبة للنشاط السياسي، فتنقل الأفراد من بلد إلى آخر مسألة تدعم العلاقات السياسية بين تلك الدول وتقوي أواصر المودة والسلام بينهما حيث تعتبر السياحة رمزا للسلام والتآخي بين الدول.
الكثير منا إلى الآن رغم التجارب العملية والواقعية لا يقدر الدور العظيم الذي تلعبه السياحة في الحد من النزاعات السياسية والاستقرار الأمني وما يتبعه من استقرار سياسي على الرغم من اختلاف وتباين المذاهب والعقائد والعادات لدول العالم المختلفة بعضها لبعض وبالتالي يظهر تأثير السياحة على القيم والتقاليد والعادات التي تحكم تلك الشعوب وذلك يؤدي إلى احترام كل منهما الآخر.
[email protected]
kkabsha@