التقيت قبل يومين بشاب مبدع اسمه أحمد الميل يمتلك فكرة مشروع رائع وهو (زراعة الربيان) في الكويت، وله قصة صبر طويلة وإرادة صلبة أختصرها بأنه أخذ قرضا من البنك ودعما ماليا من أحد أقربائه الذي وفر له أيضا مساحة لمشروعه في مزرعته الخاصة إضافة إلى مبلغ نهاية الخدمة ليتفرغ تماما لمشروعه، الذي قام بدراسة تفاصيله ووجد حاجة السوق الكويتي للربيان وأن المتوافر بالسوق الكويتي من الإنتاج المحلي هو فقط 5%، والباقي مستورد من الخارج، وأن سعر كيلو الربيان يباع بـ 4 دنانير تقريبا وهو سيقوم بتوفيره بسعر 2 د.ك، وبالفعل تلقى طلبات كبيرة من الفنادق والمطاعم، إلا أن المشروع بحاجة إلى دعم مادي ولوجستي لكي يرى النور، وقد طرق جميع أبواب الجهات المهتمة بدعم المشاريع الصغيرة من دون فائدة، ولم يلق أي اهتمام من هيئة الزراعة، ومن منطلق الإحساس بالمسؤولية شعرت بالأسى على مثل هؤلاء الشباب، والأمر الذي زاد هذا الشعور عندما سألته السؤال التقليدي: هل فكرت بالذهاب بمشروعك للخارج؟ ورد عليّ مباشرة: نعم أتاني عرض من دولة خليجية ولم ألتفت له،
لأن الكويت بلدي أولى وبحاجة لهذا المشروع، في المقابل أقرأ كغيري عن الفساد والعبث وفي الحيازات الزراعية التي تمنح ببساطة لأشخاص لا يفرقون بين «الاشبنت والبقدونس» لمكاسب انتخابية وسياسية، بينما الأشخاص الأولى كالأخ أحمد الميل تغلق الأبواب في وجوههم، ولا ترعى الدولة مشاريعهم التي ستعود بطبيعة الحال بالمنفعة الأكبر للدولة.
ان الطبقة الوسطى التي تشكل الأغلبية من الشعب الكويتي مستاءة أكثر من استياء سمو رئيس مجلس الوزراء الذي أعرب في أكثر من تصريح عن استيائه من حجم الفساد بالدولة، وعن وجود حكومة خفية تعمل فقط على تحقيق مصالحها الذاتية، وهذا الشعب لن يسكت بلا شك لو تم فعلا فرض الضرائب عليه، أو تأخر راتبه لسوء إدارة مسؤولين في إدارتهم لشؤونهم في ظل الوفرة المالية التي تعيش فيها الكويت، وهذا الهدر الكبير في المال العام دون مساءلة أو محاسبة، رغم أن الرقابة على صرف المال العام من حق كل مواطن، حيث إن أي أزمة اقتصادية قد تحدث، لا سمح الله، في البلد ستؤثر علينا جميعا، فيما عدا من لديهم انتماء أو أمنوا أنفسهم في أملاك خارج البلاد.
ذكر تقرير من هيئة الإذاعة البريطانية BBC أنه في عام ٢٠٣٩ سيسقط الاقتصاد الكويتي ومعه دول الخليج العربي التي لن تنوع مصادر دخلها، لعدم حاجة العالم إلى النفط والغاز كما هو اليوم، فمبيعات السيارات الكهربائية الصديقة للبيئة في تزايد، والعمل على مولدات الطاقة الشمسية كذلك، يجب أن تعي الحكومات هذه الحقيقة، وتوقف هدر الأموال على غير الضروريات وتعمل على تأمين أمنها الغذائي ودعم المصانع الوطنية وخلق مصادر دخل بديلة كالعمل على بناء مراكز للطاقة البديلة (الشمسية - النووية) واستزراع الأسماك بما يلبي حاجة البلد والوصول الى الاكتفاء الذاتي.
لن ينتهي الفساد في البلد مادام اختيار الوزراء مبنيا على المحاصصة لا الكفاءة، واختيارنا للنواب مبنيا على الفئة والطائفة..لا المصلحة العامة للبلد، فعندما تفصل الدولة الدوائر على الأساس الفئوي والقبلي، وترعى الانتخابات الفرعية وتفتح افرعا للحكومة مول في دواوين قصور النواب وتخل بذلك موازين العدالة وترجح الكفة لمن تريد، يعي المواطن أن الديموقراطية شكلية وأن الحكومة هي التي تختار نواب الشعب، وأن التجار هم من يختارون الوزراء!، وعلى الوطن السلام. [email protected]