فيما مضى من التاريخ، لعبت الأديان دورا مهما في إشعال الحروب بين دول العالم وقُتل الكثير من البشر في هذه الحروب، والغريب أن الرحمة الإلهية للبشرية شكلت البذرة الأولى لهذه الأديان السماوية أي أنها أديان الرحمة التي تستمد وجودها من القرآن الكريم والإنجيل والتوراة، إلا أن الأنانية البشرية والمصلحة السياسية ومن ليس معنا فهو ضدنا والفردية بالرأي والتطرف والغلو وإلغاء الآخر او إبادته امتزجت بهذه الأديان وزرعت العداوة بين أتباعها ورفعت رايات الحروب على أساس ديني وفي العصر الحديث تتحول الرحمة من صفائها ونقائها الرباني الى غول أسود لا يعرف إلا الكره والبغض والحقد على الدين الآخر، وهذا يتجسد لنا من خلال كذبة تدعى «الإرهاب الإسلامي»، وهذه الكذبة من صناعة سياسيين خبثاء ماكرين ممن يرون أن الافتراء على الدين الإسلامي من الممكن أن يكون جسرا للوصول إلى أهدافهم الاقتصادية والسياسية والعسكرية.
وخلال نظرة تاريخية سريعة على جرائم الأديان، نجد أن المسلمين في إسبانيا تعرضوا أيام محاكم التفتيش لألوان العذاب على يد الكاثوليك وكذلك ما قامت به فرنسا الكاثوليكية من مجــازر دموية خالية من الرحمة ضد الشعب الجزائري مـــنذ عام 1983 حتى استقلال الجزائر عام 1960 وكان التطرف الدينـــي الكاثوليكي هو القاسم المشترك بين الفرنسيين والإسبان، وأيضا في فلسطين دخل اليهود الأرض المقدسة بأسلحتهم البـــلفورية (نسبة إلى وعد بلفور) الحديثة فقتلوا بها الكثير من الســـكان المسلمين في فلــسطين وخاضوا العديد من الحـــروب ضد جيوش العـــرب القوميين وانتصروا عليهم.
ويمكننا أن نبرر انعدام الرحمة تجاه المسلمين من قبل اليهود والنصارى إلى ظهور التحريف والتحوير في نصوص التوراة والإنجيل بما يتناسب مع أهواء القساوسة والأحبار منذ القدم ونتج عن ذلك نزع تعاليم الرحمة لدى أهل الكتاب واستبدالها بالحسد والكراهية تجاه المسلمين منذ القرون الوسطى، إذ قال تعالى (ودَّ كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق) سورة البقرة - آية 109.
وها نحن اليوم نرى وبكل وضوح تجدد هذا الفكر والمشاعر السلبية ضد المسلمين من خلال نشر الرسوم المسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم في فرنسا التي تحولت من الكاثوليكية إلى الإلحاد والعياذ بالله.
ويبدو أن الرئيس الفرنسي لم يستفد من درس (لاكوست) وزير المستعمرات الفرنسي عندما سئل عام 1930 عن عدم قضائه على الإسلام في الجزائر بعد مرور قرن كامل على احتلالها من قبل فرنسا، حيث قال مقولته المشهورة: «وماذا أفعل إذا كان القرآن أقوى من فرنسا».