في السابق وماأزال أسمع عن مقولة إن الكويت مواكبة للتطور أو تحذو حذو الدول المتقدمة او دولة حضارية وغير ذلك من العبارات التي لا تتعدى الدائرة المجازية باللغة العربية، فالحقيقة التي نعيشها اليوم مؤسفة ومحبطة للآمال، لأنها لاتزال حضارة في طور التكوين ولم تصل بعد الى مرحلة الطفولة فالكمال الحضاري يعني الرقي النموذجي والمتكامل في جميع المجالات التي تخص المجتمع، فعلى سبيل المثال لا الحصر إلى الآن لا توجد لدينا هيئات رقابية رسمية كهيئة الرقابة الصناعية وهيئة الرقابة الغذائية ولعلها ستولد لاحقا بعد هيئة حماية المستهلك. فهيئة الرقابة الصناعية تتكفل بحماية المجتمع من الصناعة العالمية الفاسدة وهي مشابهة نوعا ما لدور وزارة الاعلام في مكافحة الاعلام الفاسد والسوق السوداء للملكية الفكرية وهذه الهيئة تؤدي دورا حيويا في حماية المستهلك من اي مواد صناعية ضارة في مكوناتها الأساسية او جودتها الصناعية المتدنية وهذا يعني انها ستكون سببا رئيسيا في الاصابة بأمراض السرطان والدليل على ذلك أنه قبل نحو عقد من الزمان قامت السلطات الفرنسية بسحب نوع من ألعاب الأطفال التي تستخدم في اللعب بالبانيو بعد ان اكتشفت احدى الامهات الفرنسيات اصابة ابنها بمرض السرطان بعد شرائها لدمية بلاستيكية تستخدم في اللعب أثناء الاستحمام اضافة الى ذلك قامت السلطات السعودية قبل أكثر من عام بسحب 120 نوعا من انواع العاب الاطفال من السوق السعودي لسبب ما؟
وبالأمس حذرت السلطات السعودية من ملابس داخلية نسائية صينية الصنع تدخل في تركيبها مواد كيميائية مسببة للسرطان وعند سؤال القنصل التجاري عن ذلك قال ان التجار السعوديين يختارون البضائع الرديئة في الصين لجني الأرباح المرتفعة.
وهنا اريد ان اسأل سؤالا: اين نحن من مواكبة التطور المزعومة نعم هناك تطور وبنفس الوقت لا يوجد تكامل تطوري على الأقل في مجال الرقابة الصناعية والغذائية.
وأين ولاة الأمر المسلمون من مقولة عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي قال فيها «والله لو عثرت بغلة في العراق لخشيت ان يسألني الله عنها يوم القيامة لماذا لم أمهد الطريق لها؟».
هذه هي حضارتنا حضارة الوجبات السريعة حضارة الكيمياء الضارة والنافعة حضارة الوعي واللاوعي الصناعي حضارة امبراطورية السرطان حضارة ان كنت تعلم فتلك مصيبة وان كنت لا تعلم فالمصيبة اعظم.
المطلوب: قانون جودة صناعية يسيطر على البضائع المستوردة ويحدد معاييرها كقانون الجودة الأوروبي او الأميركي. فأرواح اجيال المستقبل وضعتها الغفلة الحكومية تحت رحمة جشع التجار.