دخلت الأزمة السورية عامها الخامس دون تحقيق تقدم ملموس لنهايتها سواء عن طريق الحرب أو السياسة، ولعل ذلك يعود إلى عدة عوامل والتي من خلالها لم يصل أطرافها إلى حل يرضي الجميع فالولايات المتحدة تريد ولادة شرق أوسط كبير عن طريق سورية والعراق واليمن ومصر وليبيا وأطراف اتفاقية سايكس ـ بيكو يريدون خارطة الشرق الأوسط الحالية لكونهم مرتاحين لها واعتادوا عليها منذ أمد بعيد، وروسيا تريد سورية بقيادتها الحالية للاستفادة من قاعدتها في طرطوس وتريد من أميركا وحلف الناتو أن يغضا الطرف عن القرم والأزمة الأوكرانية أما إسرائيل فإنها تريد شرق أوسط جديدا خاليا من الجيوش العربية وذلك لتحقيق حلمها التوسعي القديم وهو أرضك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل، وإيران لن تتخلى عن حليفتها سورية، ونلاحظ أيضا أن قرب التوصل لحل الملف النووي الإيراني قد أضفى بظلاله على البدء في مفاوضات سياسية تتسم بتقديم تنازلات جوهرية أدت الى ظهور التلويح الأميركي بضرورة فتح مجال الحوار مع النظام السوري من أجل انتقال سلمي للسلطة مقابل التحذير من خطورة الدخول في فراغ سياسي للسلطة كالفراغ الذي حدث في ليبيا بعد قتل القذافي.
فالمصالح المشتركة والرغبات القديمة والحديثة في بسط النفوذ السياسي تعقدت وانتهت الى طريق مسدود والى خوض المجتمع الدولي صراعا أقل حدة تمثل في الإرهاب وحروب استنزاف والحرب بالوكالة، وهذا الأمر للأسف الشديد كلف الشعوب العربية آلاف الأرواح أما الخسائر المادية فإنها تقاس بمليارات الدولارات.
وعليه ربما تنتهى المفاوضات الدولية للملف النووي الإيراني إلى السماح لإيران بامتلاك الطاقة النووية السلمية ومن ثم العسكرية مقابل التوصل إلى حل سياسي للازمة السورية واليمنية معا لكن ذلك لن يكون نهاية النزاع السياسي والعسكري في الشرق الأوسط بل سيكون بداية فعلية لانطلاق التسلح النووي العربي ـ الإيراني مما سيؤدي إلى حدوث خلل جوهري بميزان القوى العسكرية في الشرق الأوسط، وهذا يعني دوام حالة عدم الاستقرار مع وجود قوات غربية في المنطقة العربية إلى أن يتم تصدير آخر برميل نفط خام من منطقة الخليج العربي والتي تمتلك اكثر من 60% من مخزون النفط في العالم.