مخلد الشمري
بعد كل حادثة أو جريمة يكون المتسبب بها، لأي سبب من الأسباب، هو عاملة المنزل أو الخادمة ـ كما ينعتها العنصريون ـ تسمع وتقرأ عن كلام غريب وعجيب ومكرر يقوله ويصرح به ويتداوله كثير من المخدومين عن «الخدم»، للتحذير من خطورتهم على أبناء العائلة والعائلة ذاتها، وللتحذير أيضا من خطورتهم على الأمة العربية والإسلامية، وعلى التصحر والانبعاث الحراري وطبقة الأوزون ومع ذلك «لا يستطيع» هؤلاء المخدومون الاستغناء عن عمالتهم المنزلية «وخدمهم» حتى ولو لساعة واحدة، «وهو تناقض» غريب وعجيب لا يستطيع أن يفسره ويحلله حتى عتاة الأطباء النفسانيون في هذا العالم.
فات على هؤلاء الذين يستخدمون عمالتهم المنزلية وبالأحرى «خادماتهم» كشماعات يضعون عليها ويعلقون بها كل مشاكلهم الاجتماعية والاقتصادية والوظيفية، والنفسية، فات عليهم ان من يعملن بتلك المهنة ـ الشريفة ـ كخادمات ليس من المفروض عليهن حمل دكتوراه في إدارة المنازل، أو شهادات في إعداد الطعام من فنادق الخمس نجوم، وليس من المفروض عليهن أيضا أن يكن متخرجات من كليات علم النفس حتى يستطعن التعامل مع المزاج المتغير يوميا تقريبا لكل فرد من أفراد العائلة، وحتى يفهمن طبيعة المجتمع الذي يعملن لدى أفراده وعائلاته، التي لا يفهمها حتى هؤلاء الأفراد أنفسهم الذين يتكون منهم هذا المجتمع.
وقبل كل ذلك على هؤلاء الذين يستخدمون «الخادمات» كشماعات، إن يفهموا ويستوعبوا ويتأكدوا أن من تعمل في بيوتهم بالخدمة المنزلية، تلك المرأة المسكينة والمجاهدة والفقيرة والمنعوتة بلقب عنصري هو «الخادمة» هي «بشر» مثلهم، حالها من حالهم تمر وتتعرض لضغوط نفسية وعملية كبيرة وهائلة و«طبيعية»، نتيجة الغربة وأهوالها، ونتيجة المعاملة القاسية أحيانا والتي تتلقاها اغلبهن من كثير من المخدومين بدءا من رب وربة المنزل وانتهاء بأصغر طفل أو فرد بالعائلة، ولولا تلك الـ 40 دينارا، التي جاءت من اجلها للعمل بعيدا عن أسرتها بآلاف الأميال حتى تساعد وتحسن ظروف أسرتها، لما قبلت العمل أصلا لدى عائلة لا تشابه عائلتها بتاتا وفي أماكن وظروف عمل في اغلبها قاسية، بل وحتى تلك الـ 40 دينارا يتسلفها منها هؤلاء المخدومون أو احد أفراد عائلاتهم أو أقاربهم.