لمع البرق اليماني فشجاني ما شجاني
البرق اليماني هو الضوء المبهر الذي يظهر فجأة في قلب السماء من ناحية اليمن، هذا البرق بعث في نفس هذا الشاعر الحنين إلى الوطن والشوق الى الأهل والأحبة، أما الشجا فهو الحزن والهم، وقد أشار كثير من الشعراء الى البرق اليماني في أشعارهم، فهذا عنترة بن شداد العبسي يقول:
طربت وهاجني البرق اليماني
وذكرني المنازل والمغاني
وبيت الشعر ضمن أبيات رائعة يقولها حسام الدين عيسى بن سنجر بن بهرام بن خمارتكين التركي الجنس العربي المولد والمنشأ المشهور بلقبه «بلبل الغرام الحاجري» نسبة لبلدة حاجر في الحجاز، لكثرة إشارته إليها في أشعاره، وهو من أهالي أربل العراق، ويعد شاعر الغزل الأول في القرن السابع الهجري لرقة معانيه وعذوبتها وجزالته وحسن ألفاظة، مثل قوله:
لمع البرق اليماني فشجاني ما شجاني
ذكر دهر وزمان بالحمى أي زمان
يا وميض البرق هل ترجع أيام التداني؟
وترى يجتمع الشمل فأحظى بالأماني!
أي سهم فوق البين مصيبا فرماني
أبعد الأحباب عني فأراني ما أراني
يا خليلي إذا لم تسعداني فذراني
هذه أطلال سعدى والحمى والعلمان
أين أيام التصابي وزمان العنفوان
والأمان في أمان من صروف الحدثانذكر ابن خلكان في وفياته أن هذا الشاعر سجن في أربل ثم أطلق سراحه فخرج منها فترة ثم عاد إليها بعد ذلك، فقتل غيلة سنة 632 وكان عمره خمسين عاما ومن أجمل ما قاله:
على دمع عيني من فراقك ناظر
يرقرقه إن لم ترقه المحاجر
فديتك ربع الصبر بعدك دارس
على إن فيه منزل الشوق عامر
يمثلك الشوق الشديد لناظري
وأطرق إجلالا كأنك حاضر
وأطوي على حر الغرام جوانحي
وأظهر اني عنك لاه وصابر
و«سنجر» أو «سنقر» الوارد في نسبه اسم دارج في مصر منذ أيام المماليك، ومعناه الصندوق الصغير الذي له جارور، وقد غنى له الفنان البحريني الراحل محمد زويد أبياتا مشهورة يقول فيها:
جسد ناحل وقلب جريح
ودموع على الخدود تسيح
وحبيب مر التجني ولكن
كل ما يفعل المليح مليح
يا خلي الفؤاد قد ملأ
الوجد فؤادي وبرح التبريح
جد بوصل أحيا به او بهجر
فيه حتفي لعلني أستريح
كيف أصحو هوى وطرفك كأس
بابلي يطيب منه الصبوح
أنت للقلب في المكانة قلب
ولروحي على الحقيقة روح
بخضوعي والوصل منك عزيز
وانكساري والطرف منك صحيح
رق لي من لواعج وغرام
أنا منها ميت وأنت المسيح
يا غزالا له الحشاشة مرعى
لا خزامي بالرقمتين وشيح
وفي هذا القدر كفاية وأترككم في رعاية الله.