كلنا يمر بإخفاقات وفشل وتعثر في حياته، فالدنيا لا تخلو من المصاعب، وقد يمر المرء بظروف شائكة معقدة تجعله في حيرة من أمره، يقدم رجلا ويؤخر أخرى، والأمثلة على ذلك كثيرة، فهناك من يفشل في مشروع تجاري توسم فيه الخير إلا أن ذلك لم يتحقق، وآخر يفشل في عمله، ومع ذلك فعليه ألا يستسلم أو يقول قدر الله وما شاء فعل، فالله هو الذي أمرنا بالسعي والمثابرة في طلب أرزاقنا، والنجاح قريب من الإخفاق والفشل، بل إن التعثر هو الذي يمهد لك الطريق لتحقيق أمانيك وآمالك، فلا تجعل من خيبة مسعاك وفشلك مدعاة للتقاعس والتواني، حتى وإن جرت الرياح بما لا تشتهي.
بل عليك أن تتوكل على الله وتعاود الكرة تلو الكرة بعزيمة وإصرار وثبات، فلا تقف مكانك، واصنع من هذا التعثر درسا لك وطريقا لنجاحك، فالفشل لا يعني التراجع إلى الوراء أو نهاية الطريق، فرب ضارة نافعة، وبإمكانك أن تجعله بداية الطريق والانطلاق بثبات نحو ما تريد تحقيقه.
ولكن المشكلة الحقيقية التي يعاني منها البعض أنه ليس لدينا مزية الصبر والانتظار، فنحن في عجالة من أمرنا، وهذا هو الخطأ بعينه، فنحن نريد أن نصل بسرعة، وكثير منا أيضا لا يعلم أن الفشل والإخفاق ماهو إلا مرحلة إن صبرت لها نلت ما تريد، فأنت تستطيع أن تصنع من الإخفاق نجاحا، ولكن الأمر يحتاج منك إلى عزيمة وإصرار، ومن يذق طعم الإخفاق يعرف لذة النجاح بعد ذلك، فكلنا تواقون للنجاح ولكن النجاح ليس بالأمر السهل وكم من ناجح فشل مره ومرة ثم واصل طريقه حتى نجح، فعلينا أن نواجه الفشل وألا نتراجع، والأمثلة على ذلك كثيرة في تاريخنا، فهذا الحسن بن محمد المهلبي وهو كاتب وشاعر وأديب مر بظروف صعبة جعلته لا يستطيع شراء ما يسد رمقه، حتى وصل به الحال إلى كره الحياة وتمنى الموت فقال:
ألا موت يباع فأشتريه
فهذا العيش ما لا خير فيه
ألا موت لذيذ الطعم يأتي
يخلصني من العيش الكريه
وتدور به الأيام وهو يعمل بلا كلل ولا ملل، ويبتسم له الحظ ويصبح وزيرا للخليفة المطيع لله العباسي وللسلطان معز الدولة البويهي، فالدنيا لا تدوم على حال، وفي العصر الحديث لنا في كفاح الزعيم الأفريقي نيلسون مانديلا العظة والعبرة، هذا الرجل الذي أصبح أيقونة الكفاح والصبر وعدم اليأس من أجل تحقيق أهدافه السامية، فحقق ذلك بعد طول انتظار وأصبح رئيسا لبلاده بعد أن كان سجينا مدى الحياة، وسامح أعداءه. هذا ودمتم سالمين.