أثار قرار وزير الصحة الشيخ محمد العبدالله نقل د.كفاية عبدالملك من المستشفى الأميري إلى مستشفى الأمراض السارية زوبعة في أروقة وزارته وتجمعا تضامنيا نظمه عدد من زملاء مهنتها احتجاجا على القرار السالف، وقد برر الوزير قراره بحاجة قسم العناية المركزة في الأمراض السارية لخدماتها، فضلا عن أن قرارات النقل الإدارية لمصلحة العمل هي من صلب صلاحياته بمقتضى القانون.
رواية د.كفاية تقول إن قرار نقلها جاء تقريعا لها على إخراج والد أحد النواب من العناية المركزة إلى الجناح العام لاستقرار حالته الصحية حتى يحل مكانه مريض آخر أشد حاجة، وعلى هذا الأساس الإنساني الراقي ينبغي أن تكافأ الدكتورة لا أن تقرع وتنقل من مقر عملها على غير رغبة منها.
في الحقيقة تبرير الوزير لم يكن مقنعا تماما، فقسم العناية في الأمراض السارية لا يوجد فيه سوى مريض واحد فقط (حسب النائب حسين القويعان - القبس) ثم لم جاء قرار النقل بعد حادثة إخراج الطبيبة لوالد النائب من القسم المذكور؟ كما لم يوضح في تصريحه لوسائل الإعلام ماهية الحاجة لخدماتها في المستشفى الذي نقلت إليه، فمصطلح «الحاجة» أو «مصلحة العمل» شديد المرونة وبالاستطاعة اتخاذه - إذا لم ينضبط - كوسيلة للعقوبة أو للفرار من الزوايا الضيقة والمواقف المحرجة والقرارات التعسفية، وبودي لو أخبرنا ما إذا كان قد بنى قراره على تصرف شخصي أم بناء على طلب من قبل الإدارة في الأمراض السارية؟ وأخيرا هل خلت الوزارة من المختصين بالعناية المركزة حتى يتم اختيارها والإصرار على نقلها دون استشارتها؟ أما بشأن الاستعانة بكفاءتها وخبرتها فيمكن الاستعاضة عن النقل بالدورات التدريبية التي تتولى إلقاءها الدكتورة نفسها، ولو سلمنا جدلا بصحة ما ذكره الوزير فليس من الحكمة في شيء أن تنقل الدكتورة بعد حادثة نقل والد النائب، ولو تريث بعض الشيء لكفى نفسه والناس مؤونة الضجيج الإعلامي حول القضية وجب الشبهات عن شخصه، وهو الأمر الذي لم يحدث.
أقحمت «الأسرة الكريمة» في خضم القرار الآنف، ولا أدري ما علاقتها به، فالوزير في النهاية يمثل نفسه، وليس هذا على الصعيد الوظيفي فحسب بل حتى على الشخصي منه، وما من داع البتة للتعدي في النقد ليخرج عن دائرة المباح ويصل إلى التجريح الرخيص والنيل الراجع إلى التشفي المرضي والغيظ المكبوت.
أحسب أن التراجع عن هذا القرار سيكون لصالح الشيخ محمد العبدالله أولا قبل أن يكون للدكتورة كفاية والمرضى معها، والعودة للصواب - إذا ما تبين للمرء - من المروءة والفضيلة، وما من أحد إلا قد أصاب وأخطأ، أما إصرار الوزير على صحة ما اتخذه وعزمه على المضي فيه فليس لنا إلا الظاهر وربنا يتولى السرائر.
@mohd_alzuabi