قصة الجنرال عبدالرحمن سوار الذهب لها عمق وطني وتاريخي عسكري ومدني، فهو قدوة للقيادات العربية والإسلامية بعصرنا الحاضر.
كان لي شرف مقابلته في الخرطوم بمنزل سفيرنا المرحوم عبدالله سريع (مشهور عندهم عبدالله جوبا، ما عرفت سببها)، وكنت مساعدا للعم الراحل عبدالعزيز العدساني أمين عام منظمة المدن العربية وأنا مدير عام للمنظمة آنذاك، وللحفل برعاية جنرال الذهب هيبة ووقار، كلفني العم بو يوسف بمرافقته طوال الزيارة، وخلال تحاوري معه وجدت أنه أشبه بالزعيم مانديلا، بالنسبة للعالم العربي، سألته عن تسليم السلطة بالسودان إلى قائد هو اختاره، فرد علي بهدوئه المعتاد قائلا: لا أتمنى موقع قيادة عسكرية في وطني، وزملائي لهم دراية أفضل، وتفرغت للميدان الإنساني، ميزة تحصيله للوطن وخارجه أفضل بعون الله، ورفع يمناه ناظرا إلى الساعة اليدوية وكانت تشير إلى 11 مساء، ففز معتذرا لوقت نومه ليدرك صلاة الفجر ورافقته حتى باب الخروج، وبالسؤال عن سائق سيارة الجنرال أخبرني بهدوء: ليس معي سائق لمثل هذه الدعوات الكريمة، وهذا وقت راحة السائق بعد عناء النهار، فصفق الحفل له إعجابا، وودعناه بأنه اسم على مسمى «ذهبي» لهذا الزعيم النادر أمثاله، والمعذرة من راوي البداية عن سوار الذهب بشهادة مباشرة لتكوينه الإنساني، للعبرة وطنا.