في عام 2013 وضعت الحكومة الألمانية خطة مستقبلية للتحول إلى السيارات الكهربائية في ألمانيا، كان الهدف آنذاك استبدال مليون سيارة كهربائية بدلا من سيارات محركات الاحتراق بحلول عام 2020.
قبل أيام شاهدت برنامجا وثائقيا على التلفزيون الألماني (دويتشه فيلله) يتحدث عن فشل الحكومة في تنفيذ تلك الخطة، واستمعت للمذيع وهو يتحدث بإعجاب عن تجربة النرويج الرائدة في هذا المجال، ويندب حالهم ويقول: النرويج سبقتنا بمراحل، العالم ينتقل للسيارات الكهربائية ونحن في ألمانيا لا نزال نصنع محركات الديزل والبنزين، العالم من حولنا يتقدم ونحن جامدون!
هذا ما يقوله الألمان عن ألمانيا.. فماذا نقول نحن؟
النرويج دولة نفطية، ومع هذا تعمل منذ تسعينيات القرن الماضي على إلغاء الاعتماد على النفط في دخلهم القومي وكذلك في سياراتهم، وهي منذ التسعينيات تستثمر معظم مداخيل النفط في صندوق استثماري ضخم أصبح اليوم الأعلى ربحا على مستوى العالم.
وفي النرويج تحول هو الأسرع عالميا من سيارات محركات الاحتراق إلى السيارات الكهربائية، يسير في شوارعها اليوم أكثر من 70% سيارات كهربائية، والنرويج نشطة ليس فقط في التحول للسيارات الكهربائية، وإنما أيضا في صناعة محركات السفن الكهربائية، وهي اليوم رائدة في هذا المجال.
***
الغريب أن النرويج لم تكن رائدة في صناعة السيارات الكهربائية، وإنما ألمانيا. ففي عام 1975 قامت شركة «مرسيدس بنز» بصناعة أول سيارة بلا انبعاثات كربون، وفي العام التالي 1976 قامت «فولكس فاجن» بصناعة أول سيارة كهربائية من نوع «جولف».
وضمن خطة الحكومة الألمانية للتحول للسيارات الكهربائية كانت تقدم مبلغ 4500 يورو هدية لكل مواطن يشتري سيارة كهربائية، إضافة إلى إعفائه من رسوم استخدام الطرق والضرائب على السيارة وتوفير محطات شحن كهربائية بأسعار أقل كثيرا من الديزل والبنزين. ومع ذلك، فشلت ألمانيا في خطتها، بينما نجحت النرويج.
في الحقيقة، من يعرف طبيعة الشعب الألماني، ويعرف ما الذي تعنيه الطرق السريعة ذات السرعات غير المحددة (Autobahn) سيعرف لماذا فشلت ألمانيا.
***
قبل أيام.. تمكنت شركة «تيسلا» (رائدة السيارات الكهربائية في العالم) من صناعة سيارة ببطارية متطورة قطعت مسافة 645 كلم متواصلة بشحنة واحدة.
ومن يسافر إلى هولندا فسيصاب حتما بحالة عشق كما أصبت أنا بهذه السيارة التي تنتشر في شوارع أمستردام كسيارة أجرة.
***
الآن.. أعلم أن الحديث هنا ضرب من الخيال وصرخة في واد، لكنها صرخة مكبوتة في الصدر تحتاج أن تخرج.
الكويت بلد نفطي تماما، ونحن نشهد تدهور النفط بأعيننا، لا نريد التحول إلى السيارات الكهربائية، فهذا حلم بعيد المنال، ولندع مصانعنا الضخمة تستمر بصناعة محركات الاحتراق وسيارات البنزين والديزل.. لا مشكلة!
لكن علينا أن نفهم أن العالم المتقدم الذي يشتري نفطنا، هو الذي يتحول، قريبا سيتم التخلي عن نصف كمية النفط المطلوبة نتيجة لهذه التحولات.
نحن في حالة يرثى لها ونمد أيدينا إلى صندوق الأجيال القادمة وحكومتنا تشتكي عدم وجود سيولة لدفع الرواتب في ظل أزمة عابرة انخفضت معها أسعار البترول. فماذا سنفعل عندما تتخلى الدول الصناعية عن نصف حاجتها من البترول؟!
آآآه.. رحم الله بدر شاكر السياب الذي قال: ماتت الشكوى على ثغر تمادى في الشكاة.
[email protected]