قرأت قبل أيام نص المكالمتين اللتين جرتا بين الملك فهد بن عبدالعزيز، رحمه الله وطيب ثراه، مع الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الأب، والتي جرت الأولى منها مساء يوم الاحتلال العراقي للكويت في 2 أغسطس 1990، والثانية بعدها بيومين في 4 أغسطس 1990، ولا يسع أي كويتي يقرأ نص تلك المكالمتين إلا أن يسأل الله الرحمة والمغفرة وحسن الجزاء للملك فهد بن عبدالعزيز على موقفه الشجاع والحريص على تحرير الكويت واستعادة شرعيتها مهما كلف الأمر.
كان الملك فهد- رحمه الله- حريصا على التأكيد للرئيس بوش بأن سلامة أهل الكويت وعودة حكومتها الشرعية وتحرير جميع أراضيها أولوية قصوى، ويلح على الرئيس بوش بضرورة اتخاذ ما يلزم لإخراج القوات العراقية المحتلة بالقوة بأسرع وقت، ويؤكد له استعداد المملكة وضع جميع جهودها وإمكاناتها لتحقيق هذا الهدف.
كان الرئيس بوش يسأل الملك فهد عن وضع المملكة ويقول له بأنه يشعر بالقلق على أمن المملكة، وكان الملك فهد يرد عليه بوضوح بأن المهم الآن هو تحرير الكويت وحماية شعبها وعودة حكومتها الشرعية.
رحم الله الملك فهد وجزاه عنا خير الجزاء، لن ننسى أبدا تلك الوقفة الشجاعة التي نتج عنها تحرير بلادنا، ولن ننسى أبدا الوقفة الكريمة من أشقائنا السعوديين الذين فتحوا لنا بيوتهم وقلوبهم ووقفوا معنا وقفة العز والشرف.. لن ننسى أبدا كل من وقف معنا وساندنا في تلك المحنة القاسية.
***
قرأت أيضا مجموعة كبيرة من الوثائق الديبلوماسية الكويتية، وأذكر منها الوثائق المتعلقة بتهديدات عبدالكريم قاسم بضم الكويت عام 1961، ومحاولاته تعطيل انضمام الكويت للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، وأيضا كان لمواقف المملكة العربية السعودية الشجاعة الدور الأبرز في تجاوز تلك الأزمة الظالمة من هذا الجار.
في رده على رسالة سمو الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم- رحمه الله- حول تلك الأزمة، كتب الملك سعود بن عبدالعزيز- رحمه الله-: «تناولت برقية سموكم بتاريخ 26 فبراير 1961 والتي أشرتم فيها إلى ما أدلى به الزعيم عبدالكريم قاسم، والحقيقة انه موقف عجيب مؤسف، أما نحن فمعكم في السراء والضراء، وسنكون أوفياء، فيما تعاهدنا عليه ونحن على أتم الاستعداد لمواجهة كل خطر تتعرض له الكويت الشقيقة».
بعدها، كتب الملك سعود بن عبدالعزيز- رحمه الله- رسالة إلى الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، رحمه الله، قال فيها: «أعتقد أنكم تشاركوني الأسف للبيان الذي نشر من اللواء عبدالكريم قاسم بشأن الشقيقة الكويت المستقلة.
وبالنظر لما يربطنا بالكويت بصورة خاصة فقد أعلنت البيان التالي: يجب أن يكون معلوما لدى الجميع أن الكويت والمملكة العربية السعودية بلد واحد وما يمس الكويت يمس المملكة العربية السعودية، وما يمس المملكة العربية السعودية يمس الكويت، وقد أحببت إحاطتكم علما بهذا، على أمل في التعاون في رتق هذا الفتق الذي لا يستفيد منه إلا أعداء العرب، ولا يتضرر منه إلا العرب أنفسهم، راجيا أن يرد رأيكم السديد الذي يحول دون هذا الأذى الذي يصيب هذا البلد الشقيق».
رحم الله هؤلاء القادة العظماء، وجزاهم خير الجزاء على مواقفهم المشرفة، ونسأل الله أن يديم المحبة والأخوة والعلاقات الطيبة بين البلدين والشعبين الشقيقين السعودية والكويت.
[email protected]