يمكن للدولة أن تمتنع عن استقبال المسافرين من غير مواطنيها بهدف حماية المجتمع، كما في حالة انتشار الأوبئة، ولكن هل يمكن للدولة أن تمنع مواطنيها من السفر بحجة حمايتهم؟! كلا، إذ في هذا الإجراء تعد واضح على حق الإنسان في حرية التنقل والذي تكفله المواثيق الدولية والدساتير.
بعض الدول استطاعت أن تتغلب على وباء كوفيد- 19 بشكل جيد، وتمكنت من استعادة الحياة لطبيعتها قبل الوباء، وأعلنت عن فتح حدودها للسياح، فبأي حق تمنعني الدولة من السفر إلى هذه الدول؟ نرفض هذه المعاملة المتغولة من الدولة، والتي تحاول فرض وصاية على الناس وتعاملهم وكأنهم أطفال، تعطيهم هذا وتمنع عنهم ذاك!
****
للدولة أن تحذر مواطنيها من المخاطر، فهذا واجبها، ولكن ليس من حق أي مسؤول في الدولة أن يتخذ القرارات نيابة عن المواطنين. وزير الصحة مع كل إنجازاته ودوره الوطني الكبير لن يكون أكثر حرصا مني على نفسي.
ما نريده هو أن تقوم الدولة بواجباتها، أن تحدد الأخطار وتحذر الناس منها وتستعد لها وتؤدي عملها تجاه الناس كما ينبغي، لا أن تتغول على حياتهم وتتحكم بمصائرهم وتتدخل في قراراتهم.
****
هذه رسالة إلى سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد، نحترم ونثمن عاليا إدارتكم لأزمة وباء كوفيد- 19 حتى الآن، مع التحفظ على بعض الأخطاء الكبيرة التي أدت لانتشار الفيروس بشكل كبير، مثل السماح لتدخل بعض أعضاء مجلس الأمة بقرارات وزارة الصحة وعدم الانصياع للحجر الصحي لبعض المسافرين في بداية الأزمة، وكذلك عدم معالجة ملف تجارة الإقامات والعمالة السائبة وغيرها.
نقدر جهود الحكومة بكل مؤسساتها، ونقدر حرصها على سلامة المواطن والمقيم، ولكن نرجو أن تلتزم الحكومة بحدود عملها وأن تحترم حقوق وحريات البشر. واجبكم يتعلق بتنظيم العمل وتوفير متطلبات الحياة الكريمة دون تجاوز على حقوق الإنسان.
الحكومة هنا مثل المعلم في الفصل، دوره أن يشرح وينصح ويبين لتلاميذه ما التخصصات الأكثر نجاحا، ولكن لا يحق له أن يقرر نيابة عنهم ويفرض عليهم اختيار هذا التخصص أو ذاك. اتركوا للناس فسحة التصرف والتحكم في القرارات التي تمس حياتهم ومستقبلهم، مع تحملهم المسؤولية، فهنا تتقاطع حدود مسؤوليات الدولة مع حدود حريات البشر.
[email protected]