قبل ان نبدأ ما نقصده في هذه المقالة اسمحوا لي ان أروي لكم قصة طريفة وظريفة ايضا حدثت معي في أوائل الستينيات، كنت أعمل في شركة نفط الكويت مع الـvip أي كبار الشخصيات في شركتي الـ bb وgulf النفطية لما وراء البحار وذات يوم أرسلت الى قصر الضيافة القريب من السفارة البريطانية في مدينة الكويت لأخذ شخصيات من كبار الزوار لموقع أعده لرماية الأطباق الطائرة جنوب صهاريج مدينة الأحمدي النفطية، وكان يرافقهم السفير البريطاني، وكان يجلس بجانبي وهو لا يعرف عن اتجاهاتي الفكرية المتواضعة في ذلك الوقت فبينما كنا متجهين الى مدينة الأحمدي التفت إلي وقال: هذه السيارة أحسن أو الجمل، واستشففت من كلمته هذه وكأنه استكثر علي ركوب سيارة من طراز ارمستروم ستلي، وهي تشبه الرولز رويس معدة لكبار الزوار، وكان ردي عليه الجمل أفضل، فاستغرب فقال لي: كيف؟ فقلت له: الجمل يأكل من حشائش الأرض ولا يحتاج الى الوقود البترولي ولا قطع الغيار ولا يسبب تلوثا للبيئة ولا يكلف ماليا ومخاطره أقل، فزاد استغرابا وصمت لبضع دقائق ثم عاود وقال لي: هل تجيد اللغة الانجليزية، فقلت له كيف لا وهي لغة الدولة التي لا تغيب عنها الشمس؟ ومن تعلم لغة قوم أمن مكرهم، فنظر إلي رافعا حاجبا الى الأعلى ومبحلقا بعيني، وشعرت باستهجانه لي وأنني لست الشخص الذي كان يعتقد، وهنا زدنا الطين بلة. فقال: ألا ترغب في ان تنتقل الى مكان آخر فقلت عملي مع كبار الشخصيات أفضل لي يا صاحب (وكلمة صاحب كان الناس يقولونها في ذلك الوقت للأوروبيين على الفطرة) وأردت ان يفهمني اني من هذا الصنف حتى لا ينقلني الى مكان لا يفيدني، ولكنه من قوم يدركون تحليل الشخص من خلال ألفاظه أو تصرفاته في ميدان العمل، وعرفت من كل ذلك انه لا يريدني ان استشف من كلمات المديرين ما يتعلق بالشؤون النفطية وما ينوون طرحه في تلك الاجتماعات التي أتوا من أجلها، وهو محق في ذلك، لأن النفط يا سادة عصب الحياة في هذا الزمن.
وجميع الحروب والنزاعات التي حدثت في الماضي سببها الاقتصاد والطمع والحسد والغيرة فما نعيشه اليوم من انحدارات ووعكة اقتصادية لا يحتاج الى التمادي في صب الزيت على النار أكثر من اللازم حتى لا يرد السيف على نصابه، خصوصا ان المتصارعين في الحلبة يملكون قوة هائلة ولا يمكن دفعهم لمنحدرات اقتصادية «والحر تكفيه الإشارة» في هذه الظروف التي انفلتت فيها مفاهيم الإنسانية فاتركوا للعقلاء والمتعلقين معالجة الأوضاع بحكمة وتبصر، لكل معضلة حل ولا تصغوا لبعض المترفين الذين جعل الله حياتهم ضنكا فما أردنا ذكره في مقدمة هذه المقالة ان نبين حرص المخلصين لبلادهم وشعبهم على حفظ الأسرار كالمثل الذي يقول «احذر عدوك مرة ومحيطك مائة مرة» وليس كما أصاب هذه الأمة من كثرة التصريحات واستفزازات بعضهم للبعض الآخر مما سبب هلعا للاقتصاد وزعزعة للأمن القومي.
عشرين الفا على الأقدام
ساروا وصارت لهم هيبة
وتفقهوا يا أتبـاع السـام
الجمعة أفضل من سيبه
يا مشتتين شعبهم بالخيام
كثرة عددكم على الخيبة
الله حسبـي على الاقـزام
ساس الردى ما بهم طيبة
اصبـر عليهم ثلاث اعوام
ينزع من جسمهم ثوبه