ناصر الخالدي
أحد الأصدقاء أعطاني ملفا وطلب مني أن أتصفحه، وليتني لم أتصفحه، فقد احتوى على قضايا وخلافات وجلسات شبه يومية في المحكمة ولقاءات مع العديد من المحامين بين أحد رجالات البلد الأثرياء وأبناء أخته المحرومين وكل هذا سببه الطمع والجشع، الغريب في الأمر أن المحامية التي لجأ إليها المحرومون أخفت عنهم جميع الأوراق والمستندات الأصلية ووقفت مع صاحب الأموال الطائلة لتعينه على ظلم أصحاب الحق، ولأن هناك شهودا وأوراقا طبق الأصل فبإذن الله سيعود الحق إلى أهله.
هذا ملف واحد من مئات الملفات وقضية من بين آلاف القضايا وحكاية من بين آلاف الحكايات كلها تدور في نفس الاتجاه وحول الهدف ذاته، فالخلافات التي تنشأ بين الإخوة لا يوجد لها سبب غير هذا الطمع الذي أعماهم عن ذكريات الطفولة وعن حلاوة الإخوة وعن رابطة النسب وعن المواقف القديمة وجعلهم يتناسون وصايا والديهم وتجردوا من كل الأحاسيس والمشاعر فصار الأخ خصما لأخيه، فراح يستعين بالغريب على أخيه «والله زمن»، هذا ما وصلنا إليه اليوم بسبب تمسكنا وتعلقنا بحطام الدنيا.
الشجون والهموم والخلافات التي تحدث بين الورثة بسبب الورث لا تعد ولا تحصى، بل إن بعضها يحدث قبل أن يدفن الميت، وتصير الفجوة وتحدث القطيعة وتتبلد المشاعر ويصيب العلاقات الاجتماعية فتور حاد، ويصير الذهاب إلى المحكمة من ضمن جدول الأعمال اليومية وتعتاد النفس على الحزن والقلب يدمن التفكير، ومع الأيام يكبر الأبناء وهم لا يعرفون أخوالهم أو أعماهم وكل هذا بسبب المادة التي أذهبت عقول الكثير من الأشخاص الذين نشاهدهم في مختلف المجالات ونتعامل معهم في بعض الأحيان، ولكنهم في محيطهم ومجتمعهم ذئاب بل ربما تكون الذئاب أرحم بكثير.
ما أكتبه هنا ليس رواية من نسج الخيال ولا شطحة من شطحات الفكر، بل واقع مؤلم يعيشه الكثير من الأسر وما أعرفه أكثر من ذلك بكثير ولكنها قصص أردت أن تموت بداخلي حتى لا يقرأها أو يطلع عليها أحد ولا حل إلا بمخافة الله عز وجل وأظن أن الأرض بما فيها وما عليها من ذهب وفضة لا تساوي شيئا عند وجود صحة وعافية وأسرة مترابطة متماسكة يحب بعضها بعضا فهناك مئات من الأشخاص مستعدون للتضحية بكل ما يملكون من أجل الحصول على أسرة سعيدة تعينهم على الاستمرارية في الحياة، فلا تخسر من حولك وحاول أن تكسب الجميع.
أخيرا نرجو ونأمل من المسئولين في مجمع المحاكم النظر إلى كل القضايا بكل إنصاف وإحيادية وكذلك نأمل من جمعية المحامين الكويتية مراقبة مكاتب المحامين لانها في بعض الأحيان «تمص دم» المظلوم ولا تأتي بحقه وتكون أداة للنصب والإحتيال وما أكثر الضحايا في هذا الشأن مع خالص الشكر والتقدير للجهود المبولة من الأخوان في مجمع المحاكم وجمعية المحامين.
«وقفة»
دخلت إحدى الدواوين فوجدت الجالسين يتحدثون عن أوضاع الدول العربية ويقدمون اقتراحات لحل أزمات الدول التي تعاني من أزمات وأنا أستمع إلى هذه الاقتراحات شعرت بأنني بين نخبة من العباقرة والمفكرين ثم اكتشفت أنني بين نخبة من المساطيل والمغفلين، ونلقاكم في الغد.