نعلم تماما أن التعليم هدفه الأساسي هو تربية الطفل وتهذيبه وإصلاحه لان يكون إنسانا منتجا في المجتمع بدلا من أن يكون إنسانا تافها مستهترا لا يبالي بالأمور، كما أن دور المعلم في التعليم أصبح يماثل دور الأسرة في المنزل، حيث إن دور الأول خلق جوا من الطمأنينة في نفسية التلميذ وبث روح الحافز والتفوق لهم، لا خلق جو من الخوف والرهبة التي تجعل التلميذ يكره المدرسة ومعلمه، وكانت المدرسة في السابق أداة للترهيب أما الآن فأصبحت المدرسة منبع للترغيب والتفوق وسبب سردي لتلك المقدمة ما قرأته في إحدى الصحف اليومية من تعرض طفل في عمر الزهور يبلغ من العمر أحد عشر عاما بالضرب المبرح من جانب مدرسته بالمدرسة التي يتعلم فيها «مدرسة بمنطقة القيروان» وسبب ذلك الضرب هو أنها شاهدت رسما كرتونيا ملصقا على يد الطالب وبدلا من أن تعالج هذا الأمر بشيء من الهدوء والمناقشة البناءة مع الطالب نهرته وقامت بإطلاق أبشع الألفاظ عليه، وهو ما جعل أصدقاءه في الفصل يقومون بالتقاط تلك الألفاظ وسبه بها، وهو ما جعل الطالب يبادلهم بنفس ألفاظ السباب الموجه إليه، فتوجه المعتدى عليه للمعلمة وروى لها ما حدث، وبدلا من أن تعالج الأمور بين الطالبين ـ وهي السبب في ذلك ـ توجهت للتلميذ الذي سبق أن نهرته وسبته وتعدت عليه بالضرب المبرح باستعمال (خيزرانة) محدثة به إصابات، وما إن شاهد الطالب والده وهو يحضر لاصطحابه من مدرسته حتى أجهش بالبكاء وروى له ما حدث، فما كان من الأب إلا ان توجه إلى مخفر الشرطة وأبلغ عن الواقعة.
تلك هي رواية الأب، ولا نعلم مدى صدقها من عدمه، ويجب أن نسمع رواية المعلمة في هذه الواقعة حتى يكون حكمنا على الأمور واقعيا، والمشرع الكويتي عالج تلك الواقعة التي تشكل واقعة ضرب بسيط عملا بالمادة 163 من قانون الجزاء والتي أفرد لها عقوبة تصل إلى الحبس مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، وذلك لأن تعدي المعلمة على التلميذ كان لتأديبه وتهذيبه لا لاستعمال القسوة معه، فلا شك أن التعليم ودور المعلم لهما أهمية في بناء المجتمع وإفراز مواهب تعليمية تكون بمثابة قوى منتجة لهذا البلد هذا هو هدف وزارة التربية، ولا شك أن المعلمة الفاضلة استخدمت هذا الإيذاء بالتلميذ اعتمادا منها على سلطات وظيفتها لتأديبه وبدلا من الحوار الهادئ البناء مع التلميذ لإفهامه خطورة ما فعله حتى لا يعمد إلى تكرار ذلك كانت وسيلتها التعدي ظنا منها أنه العلاج الأمثل بدلا من الحوار البناء والهادف.
وأقول إنه كان يجب على مدير المدرسة فور علمه بالواقعة من ولي الأمر قبل اقدامه على الابلاغ عنها ان يتدخل لازالة هذا الخلاف حتى لا يصل الأمر إلى مخافر الشرطة لان المعلمة بلا شك أم وظنا منها ان التعدي على التلميذ كان لتهذيبه لا لقسوة منها إلا أن مدير المدرسة تناسى هذا الأمر ولم يبال به، كما أن ولي الأمر قبل أن يبلغ عن الواقعة كان عليه التوجه لمدير المدرسة لإخباره بواقعة التعدي حتى يتم جمع المعلمة والتلميذ وإزالة اسباب الخلاف وافهام التلميذ أن التعدي كان لتهذيبه وتأديبه لا لاستعمال القسوة معه.
أضع تلك الأمور أمام أعين السيدة الوزيرة الفاضلة لمعالجة هذا الأمر ووضع الأمور في نصابها والتحقيق مع المربية الفاضلة التي عمدت إلى هذا الفعل بالإضافة إلى تعليم التلميذ الحرص على النظافة في مظهره لا رسم أشكال كرتونية على جسده، وهذا هو دور الأسرة التي يجب أن تكون لها الرقابة على أولادها في مظهرهم قبل خروجهم الى الدراسة، حتى يكون اهتمام التلميذ بدراسته بدلا من الرسم الذي اتاه على جسده، فالتربية والتعليم هي قوام أي مجتمع ناجح... تعليم من جانب المدرسة بما فيها من معلمين ومربين أفاضل.. وتربية من جانب الأسرة، وذلك حتى تصل البلاد الى ما تصبو إليه من إيجاد قوة منتجة من هؤلاء التلاميذ المتحلين بالتربية والتعليم بدلا من أن يكون هؤلاء التلاميذ قوى هدامة تنزلق بالمجتمع الى الهاوية، ويجب ان تكون هناك وسائل ارشادية من وزارة التربية والتعليم ومحاضرات لهذه المعلمة والمربية الفاضلة لكي تعلم أن أساس التعليم هو التربية والتهذيب لا استعمال القسوة، كما انه يجب على ولي الأمر التروي قبل إبلاغه عن الواقعة لدى المخفر ومعرفة سبب التعدي من المعلمة على نجله التلميذ والعمل على حل المشكلة بأسلوب حواري مع نجله التلميذ ومعرفة السبب الدافع الى الرسوم التي كانت على يده، وإفهامه بخطورة هذا، فضلا عن تدخله البناء للتقارب بين نجله التلميذ ومعلمته، وذلك حتى نصل بالتعليم إلى ما نصبو إليه من رفعة ورقي بالبلاد.