منذ فترة ونحن نسمع عشرات الشكاوى من شباب من مختلف الاتجاهات والأصول يشكون من عدم حياد كلية ضباط الشرطة في قبولهم ولم نصدق هذا التحيز في القبول وذلك لان كلية الشرطة كلية أمنية وأن الأخلاق والسيرة الذاتية لهما الأولوية في شرف الانتساب لها ولابد ان يكون محيطهم الاجتماعي سوي وحسن الذكر وذلك لاعتبارات خاصة لطلبة هذه الكلية لما سوف يتحملونه من مسؤوليات في المستقبل.
الا ان هذا لا يغني عن ضرورة التقيد بالحد الادنى من اجراءات القبول التي يجب الحفاظ عليها أهمها الملف الصحي للطالب بالإضافة إلى تقديمه شهادة معتمدة ومعترف بها بحسن السير والسمعة والسلوك.
الا انه في الفترة الأخيرة عرفنا ان هناك نوعا من الإتاوات السياسية تفرض نفسها على التحاق هؤلاء الطلاب بهذه الكلية وهذا ما يحدث في الكويت وفي جميع الدول العربية وقد أدى هذا النوع من الإتاوات السياسية الى التلاعب في الملفات الصحية للطلبة، بل انتهى بهم المطاف الى التزوير فيها فضلا عن التحاق بعض الطلبة بهذه الكلية على الرغم من وجود ملفات امنية لديهم.
وبمجرد فتح باب القبول في هذه الكلية او غيرها من مراكز العمل الامني نلاحظ التسابق القاتل خصوصا لدى بعض الكتل القبلية على الفوز بأكبر عدد من هذه المقاعد ومنها تلك الكلية وغالبا ما يكون المتحاربون على المقاعد هم قيادات سياسية او امنية لمصلحة ابناء قبيلتهم او اقربائهم أي اننا أصبحنا في فساد – إداري ومحسوبية بطلهما قيادات امنية في وزارة أمنية هدفها حفظ الأمن والنظام لا الإخلال به – فنحن أمام فوضى إدارية لابد من قطع دابرها لان الأمور تسير في الاتجاه غير الصحيح، فضلا أنه لا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي ونحن نرى الفساد يستشري وقد ضرب أجهزة الدولة كافة – فالفساد تجاوز الخط الحمر واللعب بأمن المجتمع واستقراره سيواجه بوقفه انتصار للحق من جميع الغيورين الشرفاء على الكويت والكويتيين.
وهذا المقدمة قمت بسردها بعدما قرأت ما جاء بالصحف المحلية ومنها جريدة الراي عن الفضيحة التي هزت قبول بعض الطلاب في أكاديمية سعد العبدالله وذلك في عددها الصادر يوم 19/11/2010 وتسألت ألهذا الحد ضرب الفساد مؤسسات الدولة؟
ولماذا لم يتم وقف القيادي والمتورط في تلك القضية عن العمل فورا مراعاة لمبدأ الشفافية؟ وما سبب استمراره في عمله حتى الان منقولا الى مركز افضل عما كان عليه؟ ولماذا لم يحرك القيادي المسؤول عن هذا القيادي المتورط ساكنا رغم كثرة الوثائق والمستندات التي تدينه في تلك الفضيحة الكبرى؟
كل تلك الأسئلة لابد لها من اجابة واضحة تغلب عليها الشفافية بدلا من التعتيم والطمطمة على تلك الكارثة وكأنها مشكلة عابرة سوف تمر مرور الكرام ويبدو أننا نعالج الأمر بالمقلوب فبدلا من مجازاة المخطئ نكافئه لأنه تجاوز القانون، فنحن نعلم أن جهاز الشرطة من الأجهزة الأمنية الحساسة في البلد ويخضع من يدخل في سلكها وينتمي إليها بعدة معايير رئيسية منها اللياقة الطبية وحسن السير والسمعة والسلوك، وهاتان مسألتان هامتان للغاية فان اكتملت في المتقدم لهذا الجهاز الحساس هذه الصفات فأنه يشرف بالانضمام لهذا السلك الهام، أما أن يلتحق بها من هم دون ذلك فتلك طامة كبرى لابد لها من وقفة لأنه لمصلحة من التضحية بأمن البلد؟ فمن يضحي بها لا يصلح لأن يكون عضوا منتميا لها بل يعد دخيلا عليها يجب أن تلفظه الدولة وتبتره من جذوره – ولعل المنظار القانوني لهذه الفضيحة وهذا أقل ما يمكن أن توصف به تلك الواقعة يلقي بظلاله – فالرشوة ان دبت في أداة الحكم أو تسربت إلى الإعمال العامة كانت الداء – الذي يهز كيان الإدارة ويهددها بأسوأ العواقب.
ومن ثم لا يجزئ في دفع خطرها غير الجزاء الجنائي الرادع – فلا شك أن المسؤول الذي ألحق بعض الطلاب بأكاديمية سعد العبدالله هو موظف عام وهو ما ينطبق عليه نص المادة 43 من قانون الجزاء بفقرتها (أ) حيث عددت تلك المادة من هم في حكم الموظف العام بفقرتها (أ) الموظفون والمستخدمون والعمال في المصالح التابعة للحكومة أو الموضوعة تحت اشرافها أو رقابتها – وهو ما يعني أن المسؤول القيادي في وزارة الداخلية يعد موظفا عاما يخضع للتجريم في جريمة الرشوة – فضلا عن أنه اعتدى على أعمال وظيفته وذلك باتجاره بها وألحق بعض الطلاب ممن لا تتوافر فيهم الشروط الواجبة بأكاديمية سعد العبدالله وتوصل بذلك الى الحصول على عطايا ملوثة وهو الأمر المعاقب عليه بالمادة 35/1 من قانون الجزاء حيث رصدت تلك المادة عقوبة السجن الذي لا تتجاوز مدته عشر سنوات.
فضلا عن حرمان المسؤول القيادي من جميع الحقوق والمزايا المنصوص عليها في المادتين 66، 68 من قانون الجزاء وعزله من وظيفته – كعقوبة تبعية تلحق العقوبة الأصلية – وفي نهاية مقالي فأنني أطالب بفتح تحقيق موسع في تلك الفضيحة لمعرفة المسؤول المتورط في ملف القبول وضرورة محاسبة كل مسؤول يتورط في الإساءة إلى الأجهزة الأمنية التي تعد الحصن الحصين والأمن لمصلحة البلد وحفظ أمنه واستقراره.
كما أطالب الوزارة بضرورة اختيار القياديين بألا يعينوا الذي لا يلتفت إلى سيادة القانون، فلن نرضى إلا بتحقيق عادل شفاف يكشف كل أسماء الفساد والرشوة المتورطين في هذا الملف الحساس مهما ظن أصحابه انهم في معزل عن المحاسبة فمرتبة الكويت اعلى من كل الرتب الوظيفية، سائلين المولى عز وجل أن يديم على الوطن والمواطنين نعمة الأمن والامان.
www.riyad-center.com