عملية انتحال الشخصية عبر الانترنت تبدأ عندما يستغل اللصوص بيانات شخص ما على الشبكة الإلكترونية أسوأ استغلال ومن هذه البيانات العنوان وتاريخ الميلاد ورقم الضمان الاجتماعي وما شابه من أجل الحصول على بطاقة ائتمانية أو رخص قيادة وعليه يستطيع المجرمون من خلال هذه المعلومات أن يخفوا شخصياتهم الحقيقة ويتعارفون بحرية تحت اسم مستعار وتمكن أرقام الضمان الاجتماعي والبيانات الأخرى لصوص انتحال الشخصيات من التقدم بطلبات لاستخراج بطاقات ائتمانية عبر الانترنت غالبا من خلال هيئات لا تتخذ الإجراءات الأمنية الصارمة عبر الشبكة، فإذا قام أحد اللصوص بانتحال الشخصية بصناعة تاريخ جديد له عن طريق تسديد فواتير شهرية بالبطاقة الائتمانية سيكون له الأحقية في طلب قروض لشراء سيارات وإيجار العقارات، وتشير هيئات وشركات البطاقات الائتمانية من طرفها إلى أن نسبة انتحال الشخصية ضعيفة جدا مقارنة بمئات المليارات من الدولارات التي تنفق عبر البطاقات الائتمانية سنويا.
وجريمة انتحال الشخصية جريمة قديمة جدا إلا أنه ومع انتشار شبكة الانترنت فقد أخذ هذا النوع من الجرائم شكلا جديدا مستفيدا من التطور التكنولوجي الذي تمثله شبكة الانترنت وغالبا ما يكون انتحال شخصية الشخص على شبكة الانترنت بهدف تشويه سمعة هذا الشخص المراد انتحال شخصيته ومواقفه سواء السياسية أو الدينية أو درجة ثرائه وما إلى ذلك من أسباب يتم من أجلها انتحال شخصية هذا الشخص.
وللحصول على تلك المعلومات يلجأ المنتحل إلى الكثير من الطرق الملتوية لمخاطبة هذا الشخص والحصول من خلاله على تلك المعلومات أو أن يحاول اللجوء إلى وسائل احتيالية أخرى بحيث يمكنه من خلالها الحصول على تلك المعلومات، وغالبا ما يتحصل المنتحل على تلك المعلومات التي يريدها عن طريق استغلال عادة الطمع التي توجد دائما في الكثير من الأشخاص وغالبا ما يتم ذلك عن طريق الكم الهائل من الإعلانات التي تزدحم بها شبكة الانترنت والتي تخاطب غالبا غريزة الطمع لدى الإنسان بأن تمنيه بالفوز مثلا بجائزة غالية الثمن أو كبيرة القيمة مقابل ثمن قليل لا يقارن بتلك الجائزة وغالبا ما يتم استغلال ذلك في الوصول إلى الشخص المراد انتحال شخصيته بهدف الحصول منه على أي معلومات تكون لازمة للمنتحل ليتمكن من إتمام عملية الانتحال. وأقول أن جريمة انتحال الشخصية أصبحت بالآلاف وتتم بأسلوب متطور تكنولوجيا دون الأسلوب الذي كانت تتم به قديما.
هذا بالنسبة إلى الأسلوب أما الجريمة نفسها فهي مجرمة نظرا لما يكابده الشخص الذي تم انتحال شخصيته من أضرار أقلها الأضرار المعنوية بجانب الأضرار المادية حيث ان انتحال الشخصية لا يتم إلا لقذف وسب هذا الشخص أو تشويه سمعته أو للحصول على بعض أو كل ما يملكه، والمنظار القانوني لتلك الجريمة يفرض نفسه فاختلاس الألقاب والوظائف والاتصاف بها دون حق هي جريمة مؤثمة في قانون الجزاء الكويتي إلا أن تلك الجريمة التي ترتكب عبر الانترنت غالبا مقترنة بجريمة أخرى اما سرقة بيانات أو عمليات نصب واحتيال أو استيلاء على أملاك الغير أو ما إلى ذلك من جرائم أخرى غالبا ما تكون مقترنة بجريمة انتحال الشخصية، وتلك الجرائم المقترنة هي جرائم مؤثمة ومجرمة قانونا أيضا إلا أنها تعد عاملا مشددا للعقاب في جريمة انتحال الشخصية إذا ما اقترنت بها، لاسيما ان المشرع الجزائي نص على تلك الجريمة (انتحال الشخصية) في مادته 221 من قانون الجزاء وأفرد لها عقوبة الحبس مدة لا تجاوز 3 سنوات إلا أنه يؤخذ على المشرع الكويتي أنه خفف تلك العقوبة المقررة على تلك الجريمة رغم أهميتها وما يترتب عليها من أضرار هامة سواء مادية أو أضرار معنوية للشخص الذي تم انتحال شخصيته.
ونحن نرى أن المشرع الجزائي الكويتي عليه أن يشدد كثيرا من العقاب المقرر على تلك الجريمة لما تترتب عليها من أضرار مادية ومعنوية كبيرة قد تؤثر أشد التأثير على الشخص الذي تم انتحال شخصيته.
www.riyad-center.com