صالح الشايجي
قد تكون «مطرقـة» الكلام اشد ضراوة وحدة وفعالية، من «منشار» الفعل نفسه، فان كان «المنشار» يفعل فعلته في الشيء الواحـد مـرة واحـدة، فـان «المطرقـة» لا تكتــفي بالمرة الـواحـدة، أو بالـعـشــر أو بالمائة.
والكلام قـد يبـدو في أوله نزهة أو مـا يشـبه، أو تسـرية عن النفس وتخفـيفـا لاحتقاناتها وتنفيسا عن همومها وأثقالها، ولكن أن استمـر وطال واستطال وتشعب وتسرب إلى مسارب ما كان يجب أن يصل إليها أو يبلل جفافـها، فانه ـ هنا ـ يتحول إلى خطـر لا يقع ضــرره على المعـني به فـقط، بل قـد يصـيب أبرياء غـافلين في أكبادهم، ويعم شــرره المجتمع ككل، وتتحـول مطرقته إلى قذائف نار لهـا فعل اشد من فعل «المنشار»!
ثمة قضايا لها خصوصية معينة وثقل يصـعب عـلى كـثـيـريـن تحـمل أوزاره وتبعاته، فكواهلهـم لم تعد لمثل هذا، لأنها اخف واضعف من حمل ذلك الحمل الثقيل، وبالتالي فان عليهم عدم التبرع أو التطوع في معارك هي ليست مـعاركهم، والدخول إلى ميادين لـم يدعوا إليها ولم يتـهيأ لهم ارتداء دروعها الواقية!
هناك مـعــارك ذات رذاذ كـلامي، هذه المعارك ليـست مفتـوحة للغيـر، والدعوة فيها ليست عامة، بل هي لخاصة الخاصة، والذي يلج إليها متطفـلا يكون قـد أعلن هزيمتـه لجرد تفكيـره بدخولهـا، وليس فيها انتصار لمتطفل عليـها وحامل أختاما يظنها شرعية ورسمية يمهر بها كلامه من اجل إكسابه الشرعيـة المطلوبة والإيهام بإضفاء صفة الصدقية عليه.
يصـبح في مـثل هذه الأحوال من حق المجتمع التدخل لـوأد هذا الرذاذ المتطفل على آذان الجـمـيع، وإطفاء تلك الجـذوة التي أراد مشـعلها تحويلـها إلى نار تأكل الجـميع. فلتـأكله وحده وليـهنأ الجمـيع بحياتهم!