صالح الشايجي
كادت «الثمانون» تدركه، لولا ان الموت كان اسبق فأدركه.
ورث ارثا من تاريخ.. فما بدده.
تباهى بالتاريخ وبـ «الاب» كاتب هذا التاريخ وصانع شطر منه.
«يعقوب عبدالعزيز الرشيد»..
المعلم والشاعر.. السفير.. والشاهد.
الحاضر في عيون الكويت، والحاضرة هي في قلبه، والمسجلة في ذاكرته وقلمه وقافيته.
ولد لأب عالم ومعلم وفقيه وشاعر ومؤرخ.
في المهجر البعيد، مات الاب.. والصبي ما زال صغيرا يعد سنوات عمره على اصابع يديه فيتمها.
انهال عليه ذكر الاب وذكراه، فحدد الاب مسيرة الابن.. فاستحضر حياة الاب وسيرته وسار على الطريق ذاته ليتم ما لم يكمله.
سار على طريق الشعر فاختار اصعبه.. استل سيوف الاقدمين يحارب بها رخاوة الشعر في زمن الانفلات من القواعد «الخليلية» - حسب رؤيته - لم يرض بشبه الشعر او بنصفه، فالشعر عنده اما كاملا والا فلا شعر.. ولكن سيوفه نبت لا لرخاوة في يده، ولكن من رحمة في قلبه.
باسما كان في وجه الحياة.. عابسة كانت في وجهه الحياة.
كان رسول جمال وسلام، حيثما يتكلم يضمّن حديثه ازاهير السلام وتغاريد الجمال. محب لا يعادي، صديق للازمنة التي عاشها وصادقها، وللامكنة التي عششت في ذاكرته ولم تبرح.
شاخت ذاكرة التاريخ في رأسه، وشت النسيان فيها فصار سيدها، وغابت الاشياء والذكريات والازمنة، ثم الروح والجسد.
قدم اوراق اعتماده الى ملك الموت.. ومات يعقوب عبدالعزيز الرشيد مبتسما كما عاش مبتسما.