صالح الشايجي
هل للكتابة ألوان وأشكال وأغراض؟ أم انها على شاكلة واحدة لا تتشكل ولا تتلون ولا تتعدد؟!
لم أطرح السؤال للإجابة عليه، ولكن لمجرد التأمل بفحواه والانغماس بمحتواه.
إنني ارى ان سبك العبارة وإثراء الجملة المكتوبة وإغناءها بالجماليات واعتماد مبدأ الإثارة والإبداع في الصياغة، أسس لا يستغني عنها الكاتب، او هي ملزمة له كي يحظى بصفة «كاتب»، ولا يعني هذا فراغ الكتابة من عنصر مهم وهو الموضوع او القضية، وهما عماد كل ما يكتب حتى لا يحل الفراغ محلهما.
في جولة على ما يكتب في هذا الزمان سواء في الصحافة او حتى في الكتب وما يلقى من خطب نكتشف غياب الجماليات عن تلك الكتابات والمقروءات، وخلوها من الطراوة والطلاوة والحلاوة، نلاحظ غياب اللغة وحلول القضية أو الموضوع محلها. كتابات خشنة جافة تكاد تتكسر امام عيني قارئها، حتى وإن كانت غنية بما تحمله في ثناياها من قضية او موضوع.
إن التعبير عن الرأي لا يعني سلطة المضمون على ما عداه من اساسيات الكتابة، لذلك فإن انجراف الصحافة الى فتح الباب على مصراعيه لأصحاب الآراء والأفكار والمضامين - وإن كان امرا محمودا بل ومطلوبا - يجب ألا يخلع عن الكتابة تاجها وجوهرها وهما اللغة المستخدمة وما تتضمنه من جماليات ومن مراعاة لأصول الكتابة وشكل الجملة واستخدام الصور البلاغية الجميلة في التعبير عن المضمون، حتى تجد تلك الكتابة طريقها الى عين القارئ وقلبه وعقله، وإلا فإنها ستضل طريقها ولن تصل لأنها لم تعتمد الجسور الموصلة وستعجز عن بلوغ الهدف!
هكذا كان يكتب الأقدمون، كتابات جميلة، بالشكل والمضمون، ولم يسيدوا المضمون على الشكل!