-
شتراوس لم يسمع حكايات «عدي صدام» ولا أفعال «صفوت الشريف».
رشة كلام
زرعت حقلك قمحا..
وزرعت في كفي شوكا..
فخاب حقل.. وأورقت كفان..
الثورة..قصيدة جماعية
لم تكن الثورات يوما مغسولة بماء طاهر..
ولم تكن قديسة تتسربل ثوب الفضيلة..
ولم يزعم أحد.. أنه رآها كذلك..
بيضاء..طاهرة..مغسولة..قديسة بثوب البهاء..
إن الزلات أخت الثورات.. وطريق الثورة طريق زلل وخطايا.. ولكنها خطايا الثورات.. وزلات الثوار.. خطايا رحيمة وزلات مغفور لها..
خطايا لا يعذب أحد بها.. وزلات تأخذ مرتكبها إلى النعيم.. نعيم الدنيا..
إن الثورة قصيدة جماعية.. يتناوب عليها الشعراء والهواة وعابرو السبيل.. هذا يكتب منها صدرا موزونا ويأتي من يكتب عجزا مكسورا حتى تتم القصيدة العرجاء وتترك للزمن مهمة تقويم اعوجاجها..
إن الثورة لا صاحب لها ولا صديق ولا عشيق واحدا لها..
تحب الكل والجميع يحبونها..
إنها اشتراكية العشق.. وجماعية الحب الخالي من الأنانية والغيرة.. والإخلاص أيضا..
لا تخلص الثورة لأحد.. ولا تطلب من أحد بعينه أن يخلص لها..
إنها مشاع كريم..
هي حائط للعشق وللعشاق..
كل عاشق يكتب عباراته عليه.. ويترك بصمته للأيام التي ستعيش بعده..
يموت الثوار.. وتبقى الثورة..
تحيا الثورة.. ويموت الثوار..
الحزام الأسود.. لليوم الأسود
بعد المعركة الدامية التي جرت في مجلس الأمة بين النواب والتي خلفت جرحى ومصابين.. صار لابد من إضافة شرط جديد لمن يترشح للانتخابات.. وهو أن يكون قوي البنية.. عريض المنكبين.. مفتول العضلات.. طويلا.. عريضا.. جسيما.. يجيد المصارعة الحرة والملاكمة.. ويفضل الحائز على الحزام الأسود في رياضة «الكراتيه»..
«شكرن كسيرا»
مقولة «من علمني حرفا صرت له عبدا».. واضح أنها صارت من مخلفات العهود البائدة.. وأنها لا تحظى بأي قيمة عند بعض أبناء العصر الحديث وقراء هذه الأيام..
من خلال متابعتي لتعليقات بعض القراء على العديد من كتابات الكتاب وبالذات الكتابات الفكرية العميقة.. ألاحظ أن ردود القراء ركيكة وسطحية وساذجة ولا تتصل لا من قريب ولا من بعيد بما كتبه الكاتب.. بل إن أغلبها يميل إلى الشتم والسب والتحقير.. ما يدل على أن القارئ المحترم لم يفهم حرفا واحدا مما كتبه الكاتب وأن هذا القارئ ليس مهيأ لمثل هذه النوعية من الكتابة.. وما يدل على ذلك ويؤكده هو ركاكة الأسلوب المكتوب به الرد وسطحيته ورداءة التعبير.. فضلا عن غزارة الأخطاء الإملائية البسيطة مثل وضع حرف «النون» بدل التنوين.. أو حرف «السين» محل الثاء أو «ظ» بدل «ض».. إلخ..
ولعل هذه مناسبة أنصح فيها الإخوة المنتمين لقبيلة القراءة المتعجلة أو القراءة بدون فهم أن يحاولوا الاستفادة من كتابات أولئك المفكرين وأن يطوعوا عقولهم ويدربوها على القراءات الفكرية والتي لا يتيسر للكثيرين فهمها والاستفادة منها.. وعدم فهمها لا يعني مهاجمتها وإهانة كاتبها بالشتم.. بل هي فرصة لتعلمهم وتوسيع مداركهم ومحاولة تعودهم على قبول الرأي الصادم لما استقر في أذهانهم التي تبدو خالية تماما.. بيضاء شاغرة من سواد المعرفة.. وبريئة كل البراءة من الفهم.. لذلك يلجأ أصحاب تلك الأفهام.. للسب وهو أقصر الطرق للمحافظة على الجهل والبقاء فيه..
فجور الدنيا وتقواها
المرأة والرجل هل هما تنافسيان أم تكامليان؟
أيهما الحلقة الأضعف.. وأيهما الحلقة الأقوى؟
المرأة والرجل هما عنصرا الحياة البشرية وعمادها.. وفيهما ومنهما لبست الحياة ما لبست.. ووصلت إلى ما وصلت.. وحدث فيها كل هذا التطور الذي باتت عليه كرتنا الأرضية وربما كواكب أخرى..
هما فجور الدنيا وتقواها.. هما نعيم الأرض وشقاؤها.. وجنتها ونارها.. هما نبض الحياة وهما القلب المحرك لجسد الأرض..
ولكن من منهما الأكثر عطاء في هذه الحياة؟
من منهما صاحب الدور الأكبر وذو التأثير الفعال فيما ينجز على سطح الأرض؟
من الخطأ ومن الكذب الصراح أن نقول إنهما متساويان في الأداء وأن أكتافهما متساوية وكفتيهما متناظرتان في ميزان العطاء الإنساني..
ولو جئنا لبناة الحياة من فلاسفة ومفكرين وواضعي نظريات وفلسفات وأديان وضعية فلن نتفاجأ بخلو تلك القائمة الطويلة من ذكر لامرأة واحدة في ذلك السجل الكبير..
وأيضا لو قفزنا إلى ما قبل عصرنا الحديث أو إلى ما يسمى بالعصور الوسطى وعصر النهضة وزمن الاكتشافات والاختراعات.. فلن نجد بين جملة الرجال نجوم ذلك الزمن ذكرا واحدا لامرأة.. ولا حتى اسما لائذا في الذاكرة الحية ولا الميتة أيضا..
وفي العصر الحديث.. فإن المرأة لم تطير طائرة في الهواء الطلق المطلق.. ولم تسير سيارة على الأرض المنبسطة ولا الوعرة.. ولم تدفع باخرة لتمخر عباب البحر.. ولاسيرت قطارا على قضيبين لا يلتقيان..
والكهرباء والهاتف والراديو والتلفزيون.. والطب والجراحة والكيمياء والفيزياء وعلم الأحياء وبقية العلوم النظرية والتطبيقية..
والنظريات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية..
في كل هذا البحر الواسع لا نكاد نرى أدنى ذكر للمرأة..
تكاد المرأة تكون كاملة الغياب.. أوهي في غياب تام عن كل تلك الأعراس الحياتية..
حتى فيما خلد من فنون وآداب وهما الحقلان المهيآن لأن تبذر المرأة فيهما بذرها.. نجدهما خاليين من المرأة.. ففي فن المسرح «شكسبير» رجل وفي فن الموسيقى «بتهوفن» رجل أيضا..
وكذلك في الأدب والنقد والقصة والرواية والشعر.. ثمة حضور تاريخي واحد أثبته الرجل وتنحت المرأة عنه..
في السياسة الآن من يحكم العالم هو الرجل مع تسجيل حضور خجول للمرأة يأتي في أغلب أحواله ذرا للرماد في العيون ولتأكيد مبدأ المساواة أو من باب المجاملة لا الند في المعاملة..
الرجل يقود الحياة ويخدمها.. وهو خادم الحياة وبالتالي هو خادم المرأة أيضا لأن المرأة هي تاج الأرض وأزين زينتها.. والرجل هو المؤكد الفعلي لاستمرارية الحياة وتطورها..
أقول ما أقول وأنا أشد المناصرين للمرأة والرافعين راية حقوقها والمؤمنين بقدراتها.. ولم أكتب ما كتبت، انتقاصا من المرأة أو طعنا بها..
ولكنها الحقيقة.. فهل من مجادل إذا ما نطقت الحقيقة وأتت ببراهينها الناطقة التي لا مجال لتكذيبها.. وإن من يكذبها إنما يكذب الشمس في ضحاها الطري؟
لو كان «شتراوس» عربيا
لا أظن أحدا على الكوكب الأرضي يتمنى ان لو كان عربيا هذه الأيام مثل الفرنسي السيد «دومينيك شتراوس» رئيس صندوق النقد الدولي.. وأحد العازمين المنافسة على رئاسة الجمهورية في بلاده فرنسا..
فهذا الرجل والذي باتت قصته مشهورة ومحكية ومروية على كل لسان.. حتى الدجاجات باتت تحدث به وعنه وعن أخباره.. وكم من دجاجة تمنت لو كان السيد «دومينيك» ديكا.. لكان النسل «الدجاجي» قد تحسن وزادت الثروة «البيضية»..
السيد «دومينيك».. «نسوانجي» معتق ومع سبق الإصرار والترصد.. هو «نسونجي» من المهد إلى اللحد.. وحب النساء فطرة عنده لا تكلف.. وطبع فيه لا تطبع..
يحب النساء ويهتف «الشعب يريد كل النساء»..
ولكن شهواته النسائية غير المرشدة.. أزرت به وحطت من قدره وحملته من فوق الفوق إلى تحت التحت.. وإلى أسفل سافلين.. وجعلته في الحضيض يهزأ به المارة والدارجون والدراجون والسفلة والسفهاء.. وذلك لأنه تحرش مجرد «تحرش» بعاملة سوداء في الفندق الذي كان يقيم فيه في نيويورك..
ذلك كل ما فعله «دومينيك شتراوس» المسكين.. فقامت الدنيا ولم تقعد.. صهللت الخيول وحمحمت الأفراس ونعقت الغربان وولولت المولولات من كل جنس.. لأن الرجل راود امرأة عن نفسها فلم تقل له «هيت لك».. ولكنها خيبها الله فضحته وأعلنت على الملأ وبأعلى صوتها أن الرجل الكبير رئيس صندوق النقد الدولي الذي تخر له «الجبابر» ساجدينا قد تحرش بها.. ربما بكلمة أو بهمسة أو بلمسة.. أو بين هذه وتلك وهاتيك..
وفجأة ونتيجة هذا التحرش البريء صار الرجل مجرما دوليا اقتاده رجال الشرطة من الطائرة وأنزلوه منها مكبلا بالحديد.. وسط دهشة الركاب واستغرابهم ولا أحد منهم يدري ما الذي فعله ذلك الرجل وما الجرم الذي اقترفه؟
ربما سرق «صندوق النقد الدولي» الذي يرأسه!
ربما ارتشى!
ربما جامل وأعطى من لا يستحق من أموال الصندوق!
ولم يعلم أحد من أولئك المندهشين الفاغرين أفواههم.. أن الرجل لم يأت أي ذنب من تلك الذنوب ولم يقترف جرما واحدا مما ظنوا.. وأن كل ما فعله الرجل أن راود عاملة بسيطة عن نفسها وربما دعاها للفاحشة أو دون ذلك..
ما أهون الجرم وما أبسط الجريمة!
بل أين الجريمة فيما فعله الرجل المسن السبعيني ذو المركز المرموق والمنافس على رئاسة الجمهورية الفرنسية!
نحن عربان الزمان والمكان نرى أن الرجل لم يفعل ما يستحق العقوبة والفضيحة..
فلو أن صاحبنا «دومينيك» أخزاه الله فعل فعلته في «بلاد العرب أوطاني.. من الشام لتطوان» لما كان قد ناله أدنى شائبة ولكانت تلك العاملة «الملعونة» هي التي تقبع الآن في السجن المؤبد وفي زنزانة انفرادية حتى الموت.. مع تقديم شتى الاعتذارات للسيد «شتراوس».. الذي عصته امرأة ولم تطاوعه في مبتغاه.. و«حبة خشم» و«حبة راس».. للسيد «شتراوس»..
لم يكن السيد «شتراوس» يعلم أنه في بلادنا العربية يحق للسادة الكبار.. من درجة فراش الوزير «وانت طالع».. أن يستبيحوا النساء دون عدد.». بدل الوحدة ألف».. و«بدل الألف مليون» عدا السهو والخطأ..
ولم يدر السيد «شتراوس» أننا نعاقب المرأة التي تكون عرضة للتحرش إما بقتلها غسلا للعار أو بالتبرؤ منها درءا للفضيحة.. وأن التي تتعرض للاغتصاب وليس فقط لمجرد تحرش تفضل الصمت والموت على أن تبوح بسرها..
ويبدو أن السيد «شتراوس» لم يعلم.. بما يفعله أبناء زعمائنا وبالذات الثوريون منهم بـ «بنات خلق الله»..
لم يسمع حكايات «عدي» ابن صدام حسين.. ولا ابني حسني مبارك ولا أفعال «صفوت الشريف» ولا مخازي أبناء القذافي..
آه لو علم السيد «شتراوس» بطبيعتنا السمحة المتسامحة و«وطيبتنا» وكرهنا للفضائح.. ألم يكن ساعتها تمنى أن يكون عربيا..
فتش ياسيد «شتراوس» في دمك.. فقد تجد أن أصولك عربية.. ودمك «حار» صيفا وشتاء..
قلبي معك ياسيدي.. وعلى كل «السجن للرجالة».
[email protected]