صالح الشايجي
حكومتنا، لا سيف «عنترة» ولا لسان «هند»، ولا حكمة «علي» ولا زهد «عمر الثاني» خامس الخلفاء الراشدين!
وهي تماما تعاكس قول الشاعر:
إقدام عمرو في سماحة حاتم
في حلم أحنف في ذكاء إياس
فهي لا نصيب لها لا في سيف تحمله ولا في بيان فصيح تنطقه ولا في حكمة تتحلى بها وتزيّن مسارها وتحدد خطواتها الصحيحة فتبعدها عن الزلل والوقوع المتتالي في الأخطاء وعثرات الدرب الصعب! ولا هي الزاهدة التي تنصرف عن زخارف الدنيا وبهرجها تتعبد في محراب بانتظار ملاك الموت الرحيم!
ولأنها بلا سيف فقد تكالب عليها الخلق وبات ضربها أسهل من ضرب الريح الواقفة، ولأنها بلا لسان فقد أوردتنا المهالك بتصريحات وزرائها الذين لا يحسنون حتى ربط الحروف ببعضها، ناهيك عن تركيب الجمل والافصاح والبلاغة والوصول الى المقصد ولأنها بلا حكمة فإن مستصغرات الشرر عندنا تتحول الى نار وجحيم تأكل أخضر النفوس ويابسها، ولأنها بلا زهد فهي طماعة في المناصب تتمسك بها وتعض عليها بنواجذها!
وآخر العروض «التي تؤكد حقيقة حكومتنا، هو ما نشهده هذه الأيام، من تراشقات في الألفاظ وتنازعات في القرارات، حول ما يسمى بـ «إزالة الدواوين المخالفة» و«التعدي على أملاك الدولة»!
تعتقد الحكومة انها هي «الدولة» وبالتالي فإنها تملك الحق في التنازل عن «أملاكها» وحقوقها! بينما «نحن» الدولة، الشعب، الناس، المؤسسات، تلك هي الدولة، وتلك حقوقنا وأملاكنا، وليس من حق الحكومة التنازل عنها أو السماح بالتعدي عليها!
والعجب العجاب، ولأن حكومتنا بلا سيف، و«طوفة هبيطة» لكل ذي يد عضباء، فإننا نشهد ما نشهده هذه الأيام من ندوات وتصعيدات ضد «إزالة الدواوين المخالفة» التي كان حريا بالحكومة تغريم أصحابها ومطالبتهم بإزالتها بأنفسهم وعلى نفقاتهم الخاصة، لا ان تخصص ثلاثة ملايين وربما أكثر من أموالنا من أجل إزالتها!
إن الحكومة حكم، والحكم هيبة، فكيف تستحل الحكومة لنفسها ان تسمع مجرد سمع أو أن ترى مجرد رؤية، تلك الندوات التي تقام جهارا نهارا وتحت الأضواء الكاشفة لثني الحكومة عن تطبيق القانون! إن الحكومة مؤتمنة علينا تاريخا وحاضرا ومستقبلا، وعلى ثروتنا وعلى سيادتنا وكرامتنا فإما انها قادرة على حمل تلك الأمانة، أو ان الرحيل خير لها!