صالح الشايجي
كلما ركبت سيارة اجرة في تلك العاصمة العربية، قابلت مشهدا واحدا يتكرر في اكثر تلك السيارات، حيث ان سائق السيارة قد ثبّت مؤشر راديو السيارة على اذاعة القرآن مستمعا للقران او للاحاديث الدينية.
هذا المشهد يتكرر كثيرا ولا ابالغ اذا ما قلت انه موجود في اكثر من 90% من سيارات الاجرة هناك، مع اضافة عليه وهي وجود مصحف في السيارة وتعليق بعض الآيات والاحاديث على زجاجها.
في جزء من ذلك المشهد جوانب ايجابية كثيرة، لو ان المشهد أكمله الفعل واقترن به، ولكن الفعل - مع الأسف - معاكس لتلك الصورة البهية والبراقة، حيث ان الاستماع للقرآن وللنصوص والارشادات الدينية التي يطلقها راديو السيارة لا ينعكس على سلوكيات السائق الذي لا يمتثل لها لا من قريب ولا من بعيد، فهذا السائق هو في حقيقة الامر يذيع القرآن ولكن لا يستمع اليه ولا ينصت ولا يخشع، فهو مشغول أولا بأمور الطريق التي تشغل الانسان وتصرفه عن الاستماع والانصات والخشوع، وثانيا فإنه غالبا ما يكون ذا سلوك سيئ لا اخلاقي ويتنافى - تماما - مع الروح القرآنية والدينية؟!
هو سبّاب شتام لعان طعان، ويزاحم الآخرين في الطريق بشكل استفزازي ولا يسلم احد من لسانه البذيء، ولا يساعد عابري الطريق على العبور وبالذات كبار السن والاطفال، فضلا عن بقية السلبيات والممارسات الشكلية من بصق في الشارع والقاء ما بيده خارج السيارة وعدم الاهتمام بنظافته الجسدية ومظهره، ومناكفته للراكب معه وغشه في الاجرة!
هذا يقودني الى قول ما انطبع في ذهني وتؤكده الوقائع، وهو ان الدين لدى البعض صار مجرد شكليات سطحية لا تصل الى القلب والضمير، ولا أفتي اذا ما قلت ان ذلك قمة الكفر! فأن تكفر او تمارس سلوكيات مناقضة للدين وانت بعيد عن ساحته وارشاداته وتعليماته، فذلك لجهلك بالدين، اما ان تكون لصيقا بالدين وارشاداته ومستمعا لقرآنه واحاديثه ومواعظه طوال نهارك وليلك، ورغم هذا لم يؤثر فيك أو تستجب له، فذلك كفر متعمد واستهانة بالدين.
ان واجب الجماعات المشتغلة بالدين التــركيز على هذه القضية وعدم تحبيــب اولئك النــاس في سماع القــرآن والارتبــاط الشكلي فقط بالــدين، وذلك صــونا للدين وحمـاية له ولتـأكيد ان التدين سلوك وحسن معاملة لا مجرد ارتباط واه لا مضمون له!