صالح الشايجي
كان نطق صاحب السمو الأمير امس في افتتاح دور الانعقاد الاول للفصل التشريعي الثاني عشر لمجلس الأمة نطقا ساميا - فعلا - لا في منبعه ومصدره فقط، بل في مصبّه أيضا.
لم يتكلم سموه كلاما إنشائيا مرسلا يجامل المناسبة وتطغى عليه المسحة الديبلوماسية ومغلفا بالعبارات الناعمة، كما جرت العادة في مثل هذه المناسبات الاحتفالية، بل تحدث وقد تلمّس قلوب الكويتيين واحدا واحدا، فنطق بلسانهم جميعا وشخّص الأحوال الكويتية ومجريات الأمور في بلادنا، لا من خلال برج عاجي بل من القاع وبما تئن به صدور الكويتيين الذين باتوا أكثر أهل الأرض خوفا على بلادهم.
لقد علّق سموه الجرس في أعناق اعضاء السلطتين التشريعية والتنفيذية وحمّلهم مسؤولياتهم ورسم لهم الخطوط العريضة للسلامة ولنجاة الوطن ولبنائه واشاعة الطمأنينة في نفوس أهله.
لم تعلُ نبرة سموه وهو يحذّر من ارباك العملية السياسية، بل علت وتسامت المعاني التي نطق بها، وذلك هو المطلوب، فإن تأكيد سموه على دولة القانون والمؤسسات وعدم سماحه بتجاوز القانون لأي كان، هو دليل على ان سموه واعٍ بمجريات الأمور وبتلك التجاوزات التي طال امدها وفرّخت بفعل التراخي وقصور يد القانون عن ملامستها او الاطاحة بها، وحين هبّ القانون وطالت يد الحق لتزيل مرتكبات الاثم والتجاوز، انتفض «المتمصلحون» من غياب القانون ومن التجاوزات يريدون اعلاء سلطة دولة اللاقانون والفوضى.
تبقى الآن المسؤولية تقع على كاهل اعضاء الحكومة ومجلس الامة، في ان يدركوا انهم في دولة مؤسسات وقانون ودستور، واخص بذلك اعضاء مجلس الامة الذين يتعين عليهم، ما داموا انخرطوا في العملية السياسية وآمنوا بالديموقراطية، ان يلتزموا قواعد تلك اللعبة، لأن البرلمان ملك للشعب وللأمة وليس ملكا خاصا بهم ينفذون من خلاله اجندتهم الخاصة ثم يرحلون ليحمّلوا البلاد والشعب جريرة قراراتهم وقوانينهم والعابهم العشوائية.
شكرا يا صاحب السمو من كل قلب كويتي، لقد تجمّعنا كلنا في لسانك امس، كما يجمعنا قلبك على الدوام.