صالح الشايجي
اجترار الحدث الواحد والعزف على وتره بتنويعات مختلفة اختلافا طفيفا وتكراره، هو دلالة إفلاس مجتمعي يؤكد عدم قدرة هذا المجتمع على التنويع والإبداع وعلى الخروج من تلك البؤرة الآسنة التي استحلاها حين لم يجد لديه القدرة على الخروج منها والقفز خارجها.
وفيما أراه فإن مجتمعنا قد أصيب بهذه العلة ومسته عصا التكرار والاستحلاب والعزف الواحد على وتر واحد.
إن غبت عن البلاد، فإنك لا تغيب عما يحدث فيها، وهي كشريط سينمائي طويل تتكرر أحداثه وتدور حول نقطة واحدة، بحيث لا يغيب عنك شيء من تسلسل الأحداث مهما طال مكوثك خارج «دار العرض».
تلك سمة سيئة إذا ما أصابت مجتمعا من المجتمعات تؤذيه وتحد من قدرة أبنائه على التنويع والإبداع وتقلل أو تعدم فرص التخيّل والابتكار وبالذات لدى الأجيال الناشئة فيه والتي تتربى وتكبر وتنمو على نظرية «هكذا وجدنا اباءنا يعملون»!
مهما قيل عن استثناءات هنا وهناك وتميزات فردية قدرية لبعض أبناء المجتمع، فإن هذا لا يعني أنه يعكس حالة صحية أو طبيعية للمجتمع، بل إن بصيص النور قد يتسلل من وسط العتمة، وهذا أمر طبيعي لطغيان الظلمة وامتدادها، ولا يفسر إيجابيا لواقع الظلام.
بكل صراحة ووضوح أقول إن الكبار في مجتمعنا لا يخجلون فهم المتسيدون الوحيدون لشاشة العرض على مستوى البلاد كلها، وهم الموجودون والمتواجدون الوحيدون داخل الصورة، بكل ما يملكون من رتابة الفكر وهشاشته ووحدة الموضوع وفردانية القضية، بينما يغيب عن الصورة الخلاقون والمبدعون في المجتمع، كما يغيب الطرح الجديد والجيد والتنويع في القضايا البشرية وحاجة المجتمع من أفكار وطروحات جديدة.
إنها باختصار حالة سلبية مؤلمة - الآن - قاتلة في المستقبل القريب!