صالح الشايجي
قال أحد مقدمي استجواب سمو رئيس مجلس الوزراء، وبالنص: «ما جئنا الا للدفاع عن أم المؤمنين وثوابت الأمة»!
لو كان عندنا معايير لمن يصلح للترشح لمجلس الأمة، مثلما هو معمول به في دول كثيرة، لكان النائب صاحب تلك العبارة، غير صالح للترشح ولعضوية مجلس الأمة! وذلك لأنه ليس من شأن البرلمان المنتخب الدفاع عن «أمهات المؤمنين» ولا عن «ثوابت الأمة»!
ربما نسي النائب صاحب العبارة، أن هذا المجلس الذي يتشرف هو بعضويته، هو مجلس الأمة الكويتي، وليس مجلس دولة «صدر الاسلام» ولا دول «الخلفاء الراشدين»! فتلك الدول هي التي كانت معنية بتوطيد أسس الرسالة الجديدة ونشرها وتبيان حقائقها ودقائقها وتثبيت ثوابتها، ورغم ذلك فلم تنس تلك الدول الشق المدني والانساني وعملت ايضا على تثبيته.
أما مجلس الأمة الكويتي فهو مؤسسة تشريعية رقابية بنيت على أسس مدنية محضة، وجاءت وفق نظام مدني علماني! وهذا النظام المدني العلماني هو الذي أتاح لهذا النائب أن يترشح ومن ثم يصبح عضوا في مجلس الأمة، وليس في هذا النظام آلية الدفاع عن «ثوابت الأمة» ولا عن «أمهات المؤمنين» ولا عن «الصحابة»، بل ان مجلس الأمة ينحصر دوره وعمله الرقابي والتشريعي في الكويت ولا يمتد ليشمل غيرها، لا جغرافيا ولا تاريخيا ولا عقائديا، وليس من دوره الدخول في بطون التاريخ ودراسة «البخاري» و«الطبري» ومدارسة المذاهب الأربعة والاثني عشرية والعقائد والمذاهب، وأين أصاب هؤلاء وكيف أخطأ أولئك.
ذلك الدور ينوء به كاهل مجلس الأمة، بل كل مجلس سواء في الكويت أو في غيرها، لأن العلماء اختلفوا و«في اختلاف العلماء رحمة»، فهل مجلس الأمة هو الذي سيصوب ما اختلف عليه العلماء؟! وهل هذا دوره الذي دفع بالنائب الى القبول بعضويته؟!
يدفعنا بعض النواب من خلال طروحاتهم الدينية الى الشك في ثقتهم بإيمانهم، لذلك يزايدون ويغالون فيما هو ليس مطلوبا من الطرح الديني، وكأنه – فقط – لتثبيت إيمانهم امام الآخرين.
ان الدفاع عن الدين برمته وبتفاصيله كافة وبشخوصه المظللة بالحصانة، هو أمر مفروغ منه منوط بالمسلم الفرد، وليس بحاجة لان يتحول الى ساحة للاستعراض أو حائط يكتب عليه المستريبون بأنفسهم عبارات الولاء! كما أنه ليس بحاجة لمجلس مدني علماني ليرفع رايته ويدعو الراغبين في الدفاع عنه الى الاستظلال بقبته! دعوا الدين في مكانه السامي والتفتوا لشؤون دنياكم، ولبلاد احسنت الظن بكم اسمها «الكويت»!