صالح الشايجي
أصيب أحد الأصدقاء بما يشبه «الاكتئاب» والاضطراب النفسي وفقدان الذاكرة، نتيجة الأحداث التي تمر بها البلاد وما ينجم عنها من أزمات متتالية ومتوالدة، وارتفاع درجة الصراخ والتهديدات الزاعقة، ووقف حال البلاد وانشغال الصغير والكبير والغني والفقير بها! لذلك نصحت صديقي هذا بمراجعة طبيب نفسي ينتشله من وضعه النفسي السيئ! ولكنه أجابني بأنه «ماكو فايدة» لأنه سبق له ان خضع لعلاجات روحية وجلسات إيمانية وقرأوا عليه وسقوه «محو» وماء مقروءا عليه ولم يشف!
سألته تفاصيل أكثر، فأجاب بأريحية وبمنتهى الصراحة، خالتي «قماشة» أخذتني الى أحد «المطاوعة» المعروف بأنه إذا ما اشتكت إليه نملة من عقمها، فإنه بعد أن يقرأ عليها التعاويذ والرقى وهو يضع يده اليمنى على رأسها، فإنها ستشفى وتحمل بـ «فيل» لا بنملة فقط! ولقد أكدت لي خالتي «قماشة» هذه الرواية نقلا وبالتواتر والعنعنة، حتى انها قالت لي إن لم تصدق فأنا على استعداد لأخذك لترى «الفيل» وكيف انه يرضع من أمه النملة التي قرأ عليها الشيخ!
قلت لصديقي: وهل ذهبت فعلا الى هذا الشيخ أو «المطوع»؟! قال: نعم وقد قام بالقراءة علي بعد أن طلب مني أن استحم قبل مجيئي إليه وارتدي «أبيض بأبيض»، ومن باب الاحتياط وحتى يضمن طهارتي فقد أمرني بأن استحم عنده، وقد جهز لذلك حماما تراثيا على طراز رفيع، لا يحتوى على «بانيو» و«دش» وحنفيات، وماء بارد وماء حار، بل مجرد «تب» ـ سطل ـ ومغراف وسدر وماء «خريج» أي ماء مالح!
سألته وماذا فعل لك الشيخ الذي جعل النملة تحمل بـ «فيل»؟!
قال: لقد أثبت عجزه عن معالجتي واعتذر بسبب حراجة وضعي والحالة الصعبة التي أعانيها والأسباب التي أدت الى تدهور حالتي النفسية! واستطرد صاحبي: ولكن خالتي «سبيكة» أخذتني الى إحدى «اللجان الخيرية» وقالت لي: إن من يتبرع لهذه اللجنة، يعود كيوم ولدته أمه، نقيا كالبلور أو «مشخص» حسب تعبيرها الشعبي! ورغم انني تبرعت لهذه اللجنة بالسائل والجامد من أموالي والمنقول والثابت، فمازال وضعي كما ترى، من كرب إلى كرب! لذلك أخشى ان الطبيب النفسي الذي ستأخذني إليه سيعلن عجزه ويغلق عيادته ويعتزل الطب ويحترف العلاج بـ «الرقى» والقراءة وتحضير الجن وصرفهم، بعد أن ييأس من علاجي!
قلت له ما يقولونه في الأفلام المصرية:
«احنا نعمل اللي علينا والباقي على ربنا»
وغدا نكمل!