صالح الشايجي
هيمنة الحكومة على مقاليد البلاد، أمر اقره الدستور، وحمّل الحكومة تلك المسؤولية من اجل ان تبقى الامور في يد واحدة ولا تتعدد الايادي فتضيع المسؤوليات وتتصارع وتجري الامور على غير هدى.
ومسؤولية الحكومة ليست اختيارية، بل هي وبحكم الدستور مسؤولية اجبارية، ومن هنا اتاح الدستور لاعضاء مجلس الامة محاسبة الوزير وتقييم اداء الحكومة، على اعتبار ان مجلس الامة جهة رقابية الى جانب مسؤوليته التشريعية.
والملاحظ ان الحكومة تتراخى في كثير من الامور ولا تؤدي مسؤولياتها الدستورية على الوجه المفترض ما يشوب عملها بالتقصير الذي يترتب عليه تقصير آخر من مجلس الامة ذاته والذي يتخلى عن ممارسة دوره في محاسبة الحكومة على تقصيرها وتخليها عن ممارسة مسؤولياتها.
ولعل عنوانا كبيرا لهذا التقصير الحكومي، هو عدم قيام وزارة الاعلام بمسؤوليتها تجاه ما يبث في اجهزتها من برامج واحاديث دينية، وكذلك ما يكتب في الصحف والذي لا تقوم الوزارة باحالة كاتبيه الى الجهات القضائية المختصة، وكأنما يدها قد غلت عن العابثين في الدين، فتركت لهم الامور على غواربها، وفتحت امامهم باب الحرية يعبثون كيفما شاءوا.
نسمع في برامج الاذاعة والتلفزيون ما يبث من برامج واحاديث دينية، وفيه ما فيه مما يوجب وقفه وقطعه، ولكن لم نر يوما او نسمع ان وزارة الاعلام قد كفت ألسنة اولئك المتحدثين عن الخوض فيما يتحدثون فيه والذي هو ليس من صحيح الدين او ما يجب على الدولة بثه وافشاؤه بين الناس، فنسمع تخاريف وتضليلات لا تتفق مع الدين، بل تمثل رأيا منغلقا او انفعاليا او متطرفا او متزمتا، في الوقت الذي توجد فيه فسحة وانفراجة في الامر ذاته لدى الفقهاء الآخرين والمدارس الفقهية الاخرى! ولكن لان ذلك المتحدث او القائم على ذلك البرنامج ينتمي لذلك التيار المغالي او المنغلق او المتفيهق، فإن ما يبثه لسامعيه يتفق مع توجهه الفكري والديني وهو ما يتصادم في اغلب الاحيان مع توجهات الدولة.
ان انشغال مجلس الامة بتوافه الامور او صغائرها، يصرف انظار اعضائه عن الامور الجسيمة والمهمة وعلى رأسها الارشاد الديني وتوزيع المعلومة الدينية المتصالحة مع الواقع والنافعة في بناء مجتمع صحي، ومحاربة الفكر الهدام الذي يتبناه بعض المغالين والمتزمتين والذين من واجب الدولة تحجيمهم لا ان تقوم بفتح اجهزتها لهم ليعبثوا بعقول الناس كيفما شاء لهم هواهم، وما دامت الحكومة مقصرة في هذا الجانب فعلى مجلس الامة القيام بمسؤولياته.