أقف حائرا متسائلا حزينا، أمام تلك العنصرية البغيضة التي باتت تتغلغل في نفوس الناس حتى تحولت أحقادا سوداء تملأ قلوبهم.
لا بأس من اعتزاز الانسان بنفسه وقومه وبلده وقبيلته ودينه ومذهبه وإلى كل ما ينتمي إليه، على أن يكون هذا الاعتزاز قائما على الموضوعية والعقلانية والانسانية.
أعتز بنفسي اعتزازي بالآخر وأعتز بانتمائي كما اعتزازي بانتماء الآخر إلى ما ينتمي إليه.
مرفوض تماما ان أرى نفسي وما أنتمي إليه من دين أو مذهب أو وطن أو عرق، أسمى من الآخر وأهم منه، وأني سيد وهو العبد.
من هذا الباب تدخل العنصرية لتكون ساحة للتشاحن والتباغض والكراهية والحروب.
حينما وصف «كولن باول» وزير الخارجية الأميركي الأسبق «أوروبا» بالقارة العجوز، هو صادق من حيث الواقع، ولكنه في الوقت نفسه كلام ينطوي على عنصرية وتعالٍ فجّ، ما كان يليق بوزير خارجية أعظم الدول أن يتلفظ به، لأنه بذلك يثير حنق الأوروبيين حتى لو كان ما قاله حقيقة لا جدال بها، ولكن المعايرة والتكبر على الآخرين سلوك غير إنساني.
ولكن رغم سقطة «باول» وزلته يظل هذا النوع من العنصرية مقبولا قياسا بما نراه ونشهده من عنصرية تسيل بسببها الدماء وتزهق الأرواح.
وإني أرى العنصرية بأبغض صورها وأحطها، في حماس بعض من إخواننا السنّة لـ «داعش» وما تفعل من جرائم وحشية ترفضها الفطرة الانسانية والأديان والشرائع كلها.
فجّر شاب من داعش نفسه، فهلل أبوه لـ «استشهاده» وبشّره بالجنة وتمنى أن يكون شفيعه فيها، وذلك في تغريدة كتبها، وكان أعجب من الأب من التقط تغريدته ليثني على الابن القاتل المقتول مهنئا الأب بـ «استشهاد» ابنه!
نرى هنا العنصرية المذهبية، فما دام الانتحاري سنيّا، فإذن نحن معه قاتلا أو مقتولا، ظالما أو مظلوما.
وفي الوقت نفسه نرى من الإخوة الشيعة من يؤازر إيران في الباطل ولا يرى فيما تفعل إلا خيرا وحقا وعدلا، رغم ما تقوم به إيران من أفعال لا تقل عما تفعله «داعش»، ورغم ما تحمله ضد بلادنا من نوايا عدوانية سافرة.
إنها العنصرية التي تدفع بالبعض إلى ترجيح مصالح أعدائه على مصالح بلاده!!
[email protected]